ومناسبتها لما قبلها: أنه سبحانه وتعالى لما ذكر (١) فيما قبلها عداوة أقرب الناس إلى رسول الله - ﷺ -؛ وهو عمه أبو لهب، وما كان يقاسي من عباد الأوثان الذين اتخذوا مع الله آلهة.. جاءت هذه السورة مصرحة بالتوحيد رادة على عباد الأوثان والقائلين بالثنوية وبالتثليث وبغير ذلك من المذاهب المخالفة للتوحيد.
وقال بعضهم: مناسبتها لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما ذم فيما قبلها أعداء أهل التوحيد وأعداء الرسول - ﷺ -.. بيَّن في هذه حقيقة التوحيد الذي هو أساس الدين ومبنى أركانه، وسميت سورة الإخلاص؛ لدلالتها على إخلاص العمل لله وتصفيته من الإشراك به.
الناسخ والمنسوخ: وقال محمد بن حزم - رحمه الله تعالى -: سورة الإخلاص كلها محكمة ليس فيها ناسخ ولا منسوخ.
فضلها (٢): وورد في فضل هذه السورة أحاديث كثيرة صحيحة:
فمنها: ما أخرجه البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رجلًا سمع رجلًا يقرأ: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)﴾ يرددها، فلما أصبح جاء إلى النبي - ﷺ -، فذكر ذلك له، وكأن الرجل يتقالُّها، فقال رسول الله - ﷺ -: "والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن"، وفي رواية قال: قال رسول الله - ﷺ - لأصحابه: "أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة"، فشق ذلك عليهم، فقالوا: أينا يطيق ذلك يا رسول الله، فقال: "قل هو الله أحد، الله الصمد، ثلث القرآن".
ومنها: ما أخرجه مسلم عن أبي الدرداء أن النبي - ﷺ - قال: "إن الله جزأ القرآن ثلاثة أجزاء، فجعل ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)﴾ جزءًا من القرآن".
ومنها: ما أخرجه مسلم عن أبي هريرة قال: خرج علينا رسول الله - ﷺ -، فقال: "أقرأ عليكم ثلث القرآن، فقرأ: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١) اللَّهُ الصَّمَدُ (٢)﴾ حتى ختمها".
ومنها: ما أخرج أبو عبيد في فضائلها وأحمد والنسائي في "اليوم والليلة" وابن منيع ومحمد بن نصر وابن مردويه والضياء في "المختارة" عن أُبيِّ بن كعب
(٢) الخازن.