زبرجد أو ياقوت أو ذهب أو فضة؟ فقال: إن ربي ليس من شيء؛ لأنه خالق الأشياء، فنزل: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)﴾ قالوا: هو واحد، وأنت واحد، فقال: ليس كمثله شيء، قالوا: زدنا من الصفة، فقال: الله الصمد، فقالوا: وما الصمد؟ فقال: الذي يصمد إليه الخلق في الحوائج، فقالوا: زدنا، فنزل ﴿لَمْ يَلِدْ﴾ كما ولدت مريم و ﴿وَلَمْ يُولَدْ﴾ كما وُلد عيسى، ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (٤)﴾؛ أي: ليس له نظير من خلقه، وقال الضحاك وقتادة ومقاتل: جاء ناس من أحبار اليهود إلى النبي - ﷺ -، فقالوا: صف لنا ربك لعلنا نؤمن بك، فإن الله تعالى أنزل صفته في التوراة، فأخبرنا من أي شيء هو، وهل يأكل ويشرب، ومن ورث ومن يرثه؟ فنزلت هذه السورة، ويحتمل عوده إلى الشأن، كقولك: هو زيد منطلق، وارتفاعه بالابتداء، وخبره الجملة، ولا حاجة إلى الرابط؛ لأنها عين الشأن الذي عبر عنه بالضمير؛ أي: الله أحد هو الشأن هذا، أو هو أن الله أحد، والحكمة في تصدير الجملة بضمير الشأن التنبيه من أول الأمر على فخامة مضمونها، مع أن في الإبهام ثم التفسير مزيد تقرير، والله علم دال على الإله الحق دلالة جامعة لمعاني الأسماء الحسنى كلها، والأحد اسم لمن لا يشاركه شيء في ذاته، كما أن الواحد اسم لمن لا يشاركه شيء في صفاته يعني: أن الأحد هو الذات وحدها بلا اعتبار كثرة فيها، فأثبت له الأحدية التي هي الغنى عن كل ما عداه، وذلك من حيث عينه وذاته من غير اعتبار أمر آخر، والواحد هو الذات مع اعتبار كثرة الصفات.
وعبارة الشوكاني هنا قوله: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)﴾ الضمير يجوز أن يكون عائدًا إلى ما يفهم من السياق؛ لما قدمنا من بيان سبب النزول، وأن المشركين قالوا: يا محمد انسب لنا ربك، فيكون مبتدأ، و ﴿اللَّهُ﴾ مبتدأ ثان، و ﴿أَحَدٌ﴾ خبر المبتدأ الثاني، والجملة خبر المبتدأ الأول، ويجوز أن يكون ﴿اللَّهُ﴾ بدلًا من ﴿هُوَ﴾، والخبر ﴿أَحَدٌ﴾، ويجوز أن يكون ﴿اللَّهُ﴾ خبرًا أولًا، و ﴿أَحَدٌ﴾ خبرًا ثانيًا، ويجوز أن يكون ﴿أَحَدٌ﴾ خبرًا لمبتدأ محذوف؛ أي: هو أحد، وبجوز أن يكون ﴿هُوَ﴾ ضمير شأن؛ لأنه موضع تعظيم، والجملة بعده مفسرة له وخبر عنه، والأول أولى.
قال الزجاج: هو كناية عن ذكر الله، والمعنى: إن سألتم تبيين نسبته هو الله، قيل: وهمزة ﴿أَحَدٌ﴾ بدل من الواو، وأصله واحد، وقال أبو البقاء: همزة