يتقدمه والد كان عنه، وهو الآخر الذي لم يتأخر عنه ولد يكون عنه، ومن كان كذلك فهو الذي لم يكن له كفوًا أحد؛ أي: ليس له من خلقه مثل ولا نظير ولا شبيه، فنفى عنه بقوله: ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (٤)﴾ العديل والنظير والصاحبة والولد، واعلم أن الكفؤ يعم الشبيه والنظير والمثيل، فالمثيل هو المشارك لك في جميع صفاتك، والشبيه هو المشارك في غالبها، والنظير هو المشارك في أقلها، والله منزه عن ذلك كله.
وأخرج البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - ﷺ - قال: قال الله عَزَّ وَجَلَّ: "كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك، وشتمني ولم يكن له ذلك، فأما تكذيبه إياي، فقوله: لن يعيدني كما بدأني، وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته، وأما شتمه إياي، فقوله: اتخذ الله ولدًا، وأنا الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد".
وقرأ الجمهور (١): ﴿كُفُوًا﴾ - بضم الكاف والفاء وتسهيل الهمزة - وقرأ الأعوج وسيبويه ونافع في رواية عنه بإسكان الفاء، وروي ذلك عن حمزة مع إبداله الهمزة واوًا وصلًا ووقفًا، وقرأ نافع في رواية عنه: ﴿كفأ﴾ بكسر الكاف وفتح الفاء من غير مد، وقرأ سليمان بق علي بن عبد الله بن العباس كذلك؛ أي: بكسر الكاف وفتح الفاء، كقول النابغة:
لَا تَقْذِفَنِّيْ بِرُكْنٍ لَا كِفَاءَ لَهُ
والخلاصة (٢): أَنّ السورة تضمنت نفي الشرك بجميع أنواعه، فقد نفى الله سبحانه عن نفسه أنواع الكثرة بقوله: ﴿اللَّهُ أَحَدٌ﴾ ونفى عن نفسه أنواع الاحتياج بقوله: ﴿اللَّهُ الصَّمَدُ (٢)﴾ ونفى عن نفسه المجانسة والمشابهة لشيء بقوله: ﴿لَمْ يَلِد﴾ ونفى عن نفسه الحدوث والأولية بقوله: ﴿وَلَمْ يُولَدْ﴾ ونفى عن نفسه الأنداد والأشباه بقوله: ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (٤)﴾ تعالى الله عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا.
(٢) المراغي.