الثالثة، وهي الكبائر على اختلاف أنواعها، فإذا عجز عن ذلك انتقل إلى المرتبة الرابعة؛ وهي الصغائر التي إذا اجتمعت أهلكت صاحبها كالنار الموقدة من الحطب الصغار، فإذا عجز عن ذلك انتقل إلى المرتبة الخامسة؛ وهي اشتغاله بالمباحات التي لا ثواب فيها ولا عقاب، بل عقابها فوات الثواب الذي عليه باشتغاله بها، فإذا عجز عن ذلك انتقل إلى المرتبة السادسة، وهي أن يشغله بالعمل المفضول عما هو أفضل منه؛ ليفوِّته ثواب العمل الفاضل.
ومن الشيطان شيطان الوضوء، ويقال له الوَلَهان - بفتحتين - وهو شيطان يولع الناس بكثرة استعمال الماء، قال النبي - ﷺ -: تعوَّذوا بالله من وسوسة الوضوء، ومنهم شيطان يقال له: خنزب، وهو الملبس على المصلي في صلاته وقراءته، قال أبو عمر والبخاري - رحمهما الله تعالى -: أصل الوسوسة ونتيجتها من عشرة أشياء:
أولها: الحرص، فقابله بالتوكل والقناعة.
والثاني: الأمل فاكسره بمفاجأة الأجل.
والثالث: التمتع بشوات الدنيا، فقابله بزوال النعمة وطول الحساب.
والرابع: الحسد، فاكسره برؤية العدل.
والخامس: البلاء، فاكسره برؤية المنة والعوافي.
والسادس: الكبر فاكسره بالتواضع.
والسابع: الاستخفاف بحرمة المؤمنين، فاكسره بتعظيمهم واحترامهم.
والثامن: حيث الدنيا والمحمدة، فاكسره بالإخلاص.
والتاسع: حب العلو والرفعة، فاكسره بالخشوع والذلة.
والعاشر: المنع والبخل، فاكسره بالجود والسخاء.
﴿الْخَنَّاسِ﴾ صفة للوسواس؛ لأنه بمعنى الموسوس؛ أي: من شر الشيطان الموسوس الذي عادته أن يخنس؛ أي: يتأخر ويختفي إذا ذكر الإنسان ربه، وهو صيغة مبالغة؛ أي: كثير الخنس؛ وهو التأخر من خنس يخنس - من باب دخل - أي: يتوارى ويختفي بعد ظهوره المرة بعد المرة، قال مجاهد: إذا ذكر الله خنس وانقبض، وإذا لم يُذكر انبسط على القلب، ووُصف بالخناس؛ لأنه كثير الاختفاء،


الصفحة التالية
Icon