إذا ذكر الله عز وجل، قال في "أساس البلاغة": وخنس الرجل من بين القوم خنوسًا إذا تأخر واختفى وخنسته أنا وأخنسته بأربع، وخنس إبهامه خفض، ومنه الخناس.
﴿مِنَ الْجِنَّةِ﴾ الجنة: اسم جنس جمعي يفرق بينه وبين واحده بالياء، فيقال: جن وجني كزنج وزنجي، وغالبًا يفرق بالتاء كتمر وتمرة، وزيدت التاء في الجنة لتأنيث الجماعة، سموا بذلك لاجتنانهم؛ أي: استتارهم عن العيون، وهم أجسام نارية هوائية يتشكلون بالصور الشريفة والخسيسة، وتحكم عليهم الصور، وتقدم ما فيهم اهـ من "الصاوي".
البلاغة
وقد تضمنت هذه السورة الكريمة ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: الإضافة لتشريف المضاف إليه وتعظيمه في قوله: ﴿بِرَبِّ النَّاسِ﴾ وفي الآيتين بعدها.
ومنها: تخصيص الناس بالذكر في المواضع الثلاثة مع كونه رب جميع المخلوقات وملكهم وإلههم تكريمًا لهم من بين المخلوقات حيث أخدمهم الملائكة، وأمدهم بالعقل والعلم وسائر أنواع الكرامات كما مر.
ومنها: تكرير لفظ الناس ثانيًا وثالثًا؛ لإظهار شرف الناس وتعظيمهم، وللاعتناء بشأنهم، ولو قال: ملكهم إلههم لما كان لهم هذا الشأن العظيم.
ومنها: جناس الاشتقاق بين ﴿يُوَسْوِسُ﴾ و ﴿الْوَسْوَاسِ﴾.
ومنها: الطباق بين ﴿الْجِنَّةِ﴾ و ﴿النَّاسِ﴾.
ومنها: المجاز المرسل في قوله: ﴿فِي صُدُورِ النَّاسِ﴾؛ أي: في قلوبهم لعلاقة المحلية.
والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب (١)
* * *