الصالح يفعلونه لإجابة الدعاء عند ختمه، كما هو مذكور في الأحاديث الصحيحة انتهى ملخصًا من "القرطبي".
الثانية: في آداب ختم القرآن:
روي عن ابن كثير - رحمه الله تعالى - أنه كان إذا انتهى في آخر الختمة إلى قل أعوذ برب الناس قرأ سورة الحمد لله رب العالمين وخمس آيات من سورة البقرة على عدد الكوفي، وهو إلى قوله: ﴿وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾؛ لأن هذا يسمى الحال المرتحل، ومعناه: أنه حل في قراءته آخر الختمة وارتحل إلى ختمة أخرى إرغامًا للشيطان، وصار العمل على هذا في أمصار المسلمين في قراءة ابن كثير وغيرها، وورد النص عن الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله تعالى - أن من قرأ سورة الناس يدعو عقب ذلك، فلم يستحب الإمام أحمد أن يصل ختمه بقراءة شيء من القرآن، وروي عنه قول آخر بالاستحباب، واستحسن مشايخ العراق قراءة سورة الإخلاص ثلاثًا عند ختم القرآن إلا أن يكون الختم في المكتوبة، فلا يكررها.
وفي الحديث: "من شهد خاتمة القرآن كان كمن شهد المغانم حين تُقسم، ومن شهد فاتحة القرآن كان كمن شهد فتحًا في سبيل الله تعالى"، وعن إبراهيم التيمي قال: من ختم القرآن أول النهار صلت عليه الملائكة حتى يمسي، ومن ختمه أول الليل صلت عليه الملائكة حتى يصبح، قال: فكانوا يستحبون أن يختموا أول الليل وأول النهار، وعن الإمام البخاري - رحمه الله تعالى - أنه قال: عند كل ختمة دعوة مستجابة، إذا ختم الرجل القرآن قبَّل المَلَك بين عينيه، ومن شك في غفرانه عند الختم فليس له غفران، ونص الإمام أحمد على استحباب الدعاء عند الختم، وكذا جماعة من السلف، فيدعو بما أحب مستقبل القبلة رافعًا يديه خاضعًا لله تعالى موقتًا بالإجابة، ولا يتكلف السجع في الدعاء، بل يجتنبه ويثني على الله تعالى قبل الدعاء وبعده، ويصلي على النبي - ﷺ - ويمسح وجهه بيديه بعد فراغه من الدعاء؛ لأن ذلك أرجى للقبول.
وفي "شرح الجزري" لابن المصنف: ينبغي أن يُلح في الدعاء، وأن يدعو بالأمور المهمة بالكلمات الجامعة، وأن يكون معظم ذلك أو كله في أمور الآخرة وأمور المسلمين وصلاح سلاطينهم وسائر ولاة أمورهم بتوفيقهم للطاعات وعصمتهم