بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (١) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (٢) وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (٣) إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (٤) فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (٧) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (٨) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (٩) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (١٠) وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى (١١) إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى (١٢) وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى (١٣) فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى (١٤) لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى (١٥) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (١٦) وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (١٧) الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى (١٨) وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (١٩) إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى (٢٠) وَلَسَوْفَ يَرْضَى (٢١)﴾.المناسبة
قد تقدم لك بيان المناسبة بين هذه السورة والتي قبلها، وأما قوله تعالى: ﴿إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى (١٢)...﴾ الآيات، مناسبتها لما قبلها: أن الله سبحانه لما بين (١) أن سعي الناس مختلف في نفسه وعاقبته، وأرشد إلى أن المحسن في عمله يوفقه الله تعالى إلى أعمال البر، وأن المسيء فيه يسهل له الخذلان.. أردفه بأنه قد أعذر إلى عباده تقديم البيان الذي تتكشف معه أعمال الخير والشر جميعًا، ووضح السبيل أمام كل سالك، فإن شاء.. سلك الخير فسلم وسعد، وإن أراد.. ذهب في طريق الشر فتردى في الهاوية.
أسباب النزول
سبب نزول هذه السورة من أولها إلى آخرها: ما أخرجه ابن أبي حاتم وغيره من طريق الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس أن رجلًا كانت له نخلة فرعها في دار رجل فقير ذي عيال، وكان الرجل إذا جاء فدخل الدار، فصعد إلى النخلة ليأخذ منها التمر.. ربما سقطت التمرة، فيأخذها صبيان الفقير، فينزل الرجل من نخلته حتى يأخذ التمرة من أيديهم، وإن وجدها في فم أحدهم.. أدخل أصبعه حتى يخرج التمرة من فمه، فشكا ذلك الرجل إلى النبي - ﷺ -، فأخبره بما يلقى من
(١) المراغي.