تعالى: في الآية تقديم وتأخير تقديره: وأنزل التوراة والإنجيل والفرقان هدى للناس.
﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ وجحدوا وأنكروا وكذبوا ﴿بِآيَاتِ اللَّهِ﴾ الناطقة بتوحيده وتنزيهه عما لا يليق بشأنه الجليل المبشرة بنزول القرآن ومبعث رسول الله - ﷺ -، فكذبوا بالقرآن أولًا، ثم بسائر الكتب تبعًا لذلك وردوها بالباطل كوفد نصارى نجران وغيرهم ﴿لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ﴾؛ أي: عظيم أليم بسبب كفرهم في الدنيا بالسيف، وفي الآخرة بالخلود في النار.
ومناسبة هذه الآية لما قبلها (١): أنه تعالى لما قرر أمر الألوهية وأمر النبوة بذكر الكتب المنزلة.. توعَّد من كفر بآيات الله من كتبه المنزلة وغيرها بالعذاب الشديد من عذاب الدنيا؛ كالقتل والأسر والغلبة وعذاب الآخرة؛ كالنار. والذين كفروا عامٌّ داخل فيه من نزلت الآية بسببهم، وهم وفد نصارى نجران، وغيرهم.
﴿وَاللَّهُ﴾ سبحانه وتعالى ﴿عَزِيزٌ﴾؛ أي: منيع الجناب عظيم السلطان غالب لا يغلب ﴿ذُو انْتِقَامٍ﴾؛ أي: ذو عقوبة شديدة لمن كفر بآياته، والانتقام: المبالغة في العقوبة فالعزيز إشارة إلى القدرة التامة على العقاب، وذو الانتقام إشارة إلى كونه فاعلًا للعقاب.
والمعنى (٢): أن الله بقدرته ينفذ سنته، وينتقم ممن خالفها بسلطانه الذي لا يعارض.
٥ - ﴿إِنَّ اللَّهَ﴾ سبحانه وتعالى ﴿لَا يَخْفَى﴾ ولا يستتر ﴿عَلَيْهِ﴾ ولا يغيب ولا يعزب عن علمه ﴿شَيْءٌ﴾ من الموجودات ولا أمر من أمور العالم كليًّا كان أو جزئيًّا إيمانًا كان أو كفرًا ﴿في﴾ جميع نواحي ﴿الْأَرْضِ وَلَا﴾ كائن ﴿في﴾ جميع أرجاء ﴿السَّمَاءِ﴾ فهو مطلع على كل ما في الكون لا تخفى عليه خافية {يَعْلَمُ
(٢) المراغي.