ويقول الراسخون في العلم آمنا به}، وقراءة عبد الله: (ابتغاء تأويله إن تأويله إلا عند الله والراسخون في العلم يقولون) وهي شاذة ومعناه: إن الله استأثر بعلمه تأويل المتشابه وحينئذٍ فحال الراسخين التصديق به.
وجرى قوم على أن ﴿الراسخون﴾ معطوف على ﴿اللَّهُ﴾، ويقولون حال من الراسخون، فالوقف حينئذٍ على أولو الألباب؛ لتعلق ما قبل ذلك بعضه ببعض، وروي هذا القول: عن ابن عباس أيضًا ومجاهد والربيع بن أنس وغيرهم، والمعنى: إن تأويل المتشابه يعلمه الله ويعلمه الراسخون في العلم، فالمراد ما للفكر والنظر فيه مجال.
قال البغوي: والقول الأول أقيس بالعربية وأشبه بظاهر الآية، وقال الفخر الرازي: في الثاني لو كان الراسخون في العلم عالمين بتأويله.. لما كان لتخصيصهم بالإيمان وجه، فإنهم لما عرفوه بالدلائل.. صار الإيمان كالإيمان بالمحكم، فلا يكون في الإيمان به بخصوصه مزيد مدح.
الإعراب
﴿الم (١) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (٢)﴾.
اعلم أن فواتح السور إن جعلت مسرودة على نمط التعديد.. فلا محل لها من الإعراب، وإن جعلت أسماء للسور.. فمحلها إما الرفع على أنها أخبار لمبتدآت مقدرة قبلها، أو النصب على تقدير أفعال يقتضيها المقام؛ كأذكر أو أقرأ أو نحوهما؛ كعليك والزم كما سبق ذلك كله في مبتدأ تفسير هذه السورة، وقد تقدم الكلام في إعرابه أيضًا في أول البقرة فراجعه. ﴿اللَّهُ﴾: مبتدأ ﴿لَا﴾: نافية تعمل عمل إن. ﴿إِلَهَ﴾: في محل النصب اسمها، وخبر ﴿لَا﴾ محذوف جوازًا تقديره: موجود. ﴿إِلَّا﴾: أداة استثناء مفرغ ﴿هُوَ﴾: ضمير للمفرد المنزه عن الذكورة والأنوثة والغيبة في محل الرفع بدل من الضمير المستتر في خبر ﴿لَا﴾ بدل الشيء من الشيء، وجملة ﴿لَا﴾ من اسمها وخبرها في محل الرفع خبر المبتدأ، والجملة الإسمية مستأنفة استئنافًا نحويًّا ﴿الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾: خبران آخران