وتسعر به؛ أي: سيكونون يوم القيامة حطبًا لجهنم التي تُسعَّر بهم.
وقيل: المراد بهؤلاء الكفرة: وفد نجران، وذلك لأن أبا حارثة بن علقمة قال لأخيه كرز: إني لأعلم أن محمدًا رسول الله حقًّا، وهو النبي الذي كنا ننتظره، ولكني إن أظهرت إيماني بمحمد أخذ ملوك الروم مني ما أعطوني من المال الكثير والجاه، فالله تعالى بين أن أموالهم وأولادهم لا تدفع عنهم عذاب الله في الدنيا والآخرة.
وقرأ أبو عبد الرحمن ﴿لن يغني﴾ بالياء على تذكير العلامة، وقرأ علي: (لن تغني) بسكون الياء، وقرأ الحسن ﴿لن يغني﴾ بالياء أولًا وبالياء الساكنة آخرًا وذلك لاستثقال الحركة في حرف اللين، وإجراء المنصوب مجرى المرفوع، وبعض النحويين يخص هذا بالضرورة وينبغي أن لا يخص بها إذ كثر ذلك في كلامهم وكل هذه القراءة شاذ عدا قراءة الجمهور ﴿تغنيَ﴾.
وقرأ الجمهور: ﴿وَقُودُ﴾ بفتح الواو بمعنى: الحطب الذي توقد به النار، وقرأ الحسن ومجاهد وطلحة بن مصرف شذوذًا: ﴿وُقُود﴾ بضم الواو وهو مصدر: وقدت النار تقد وقودًا، ويكون على حذف مضاف؛ أي: أهل وقود النار أو حطب وقود النار، أو جعلهم نفس الحطب مبالغة، وقد قيل في المصدر أيضًا: وَقود بفتح الواو، وهو من المصادر التي جاءت على فعول بفتح الواو فيحتاج إلى تقدير مضاف؛ أي: هم أهل وقود النار.
ولما ذكر سبحانه وتعالى أن من كفر وكذب بالله، مآله إلى النار، ولن يغني عنه ماله ولا ولده.. ذكر أن شأن هؤلاء في تكذيبهم لرسول الله - ﷺ - وترتب العذاب على كفرهم كشأن من تقدم من كفار الأمم الماضية وأخذوا بذنوبهم وعذبوا عليها، ونبه على آل فرعون؛ لأن الكلام مع بني إسرائيل، وهم يعرفون ما جرى لهم حين كذبوا بموسى من إغراقهم وتصييرهم آخرًا إلى النار وظهور بني إسرائيل عليهم وتوريثهم أماكن ملكهم، ففي هذا كله بشارة لرسول الله - ﷺ - ولمن
١١ - آمن به: أن الكفار مآلهم في الدنيا إلى الاستئصال، وفي الآخرة إلى النار، كما جرى لآل فرعون؛ أُهلكوا في الدنيا وصاروا إلى النار، فقال: {كَدَأْبِ آلِ


الصفحة التالية
Icon