المدة آيةً له لتخلصَ تلك الأيام لذكر الله تعالى شكرًا على ما أنعم به عليه؛ قضاء لحق الشكر؛ كما قال: ﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ﴾ باللسان والقلب في مدة الحبسة عن كلام الدنيا مع الخلق شكرًا لله تعالى على هذه النعمة ﴿كَثِيرًا﴾؛ أي: ذكرًا كثيرًا على كل حال ﴿وَسَبِّحْ﴾ أي: صلِّ ﴿بِالْعَشِيِّ﴾؛ أي: آخر النهار ﴿وَالْإِبْكَارِ﴾؛ أي: أوله؛ أي: صلِّ عشيًّا وبكرة كما كنت تصلي. والعشي هو من زوال الشمس إلى الغروب، وقيل: من العصر إلى نصف الليل. والإبكار من طلوع الفجر إلى وقت الضحى. وقريء شاذًا: (والأبكار) - بفتح الهمزة - جمع: بَكَر بفتح الفاء والعين، والعامة على الإبكار بالكسر اسم مفرد، وخص هذين الوقتين لفرضية الصلاة عليه فيهما، وقيل: المراد بالتسبيح التنزيه له تعالى بالصيغة المعروفة، فعَطْفه على ما قبله من عطف الخاص على العام.
الإعراب
﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (٣٣)﴾.
﴿إنَّ﴾: حرف نصب وتوكيد، ولفظ الجلالة اسمها. ﴿اصْطَفَى﴾: فعل ماضٍ، وفاعله ضمير يعود على ﴿اللهَ﴾، والجملة الفعلية في محل الرفع خبر ﴿إنَّ﴾، وجملة ﴿إنَّ﴾ مستأنفة. ﴿آدمَ﴾: مفعول به. ﴿وَنُوحًا﴾: معطوف عليه، وصرِّف مع كونه أعجميًّا؛ لخفته بسكون الوسط. ﴿وَءَالَ﴾: معطوف على ﴿آدَمَ﴾ ﴿إِبْرَاهِيمَ﴾: مضاف إليه ممنوع من الصرف للعلمية والعجمة. ﴿وَءَالَ﴾: معطوف أيضًا ﴿عِمْرَانَ﴾: مضاف إليه ممنوع من الصرف للعلمية وزيادة الألف والنون. ﴿عَلَى الْعَالَمِينَ﴾: جار ومجرور متعلق بـ ﴿اصْطَفَى﴾.
﴿ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾.
﴿ذُرِّيَّةً﴾: منصوب على البدلية من نوحٍ وما عطف عليه، كما قاله أبو البقاء، أو بدل من الآلين، كما قاله الزمخشري، أو منصوب على الحال منهم أيضًا، والعامل فيها ﴿اصْطَفَى﴾ تقديره: حال كونهم متشعبًا. ﴿بَعْضُهَا﴾: مبتدأ ومضاف إليه. ﴿مِنْ بَعْضٍ﴾: جار ومجرور خبر، والجملة في محل النصب صفة


الصفحة التالية
Icon