وتمني إضلال المسلمين، وفي نفي الشعور عنهم نهاية الذم والاحتقار لهم.
٧٠ - ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ﴾؛ أي: يا معشر اليهود والنصارى ﴿لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ﴾؛ أي: لأيِّ سبب تنكرون وتجحدون بآيات الله الورادة في التوراة والإنجيل، من البشارة بمحمد - ﷺ -، والإخبار بأن الدين هو الإِسلام، وبأن إبراهيم كان حنيفًا مسلمًا ﴿وَأَنْتُمْ﴾؛ أي: والحال أنكم ﴿تَشْهَدُونَ﴾ وتعترفون صحتها إذا خلا بعضكم ببعض، وتنكرون اشتمال التوراة والإنجيل على الآيات الدالة على نبوة محمَّد - ﷺ - عند حضور عوامكم، وعند حضور المسلمين.
أو المعنى: لِمَ تكفرون بالقران، فإنكم تنكرون عند العوام كونه معجزًا، وأنتم تشهدون بقلوبكم وعقولكم كونه معجزًا؟
٧١ - ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ﴾ وتخلطون ﴿الْحَقَّ﴾ المنزل في التوراة من نعت محمَّد - ﷺ - ﴿بِالْبَاطِلِ﴾ المحرف من عندكم، كما نقل عن الحسن وابن سيرين، أو لِمَ تشككون الناس بإظهار الإِسلام بالتواضع أولَ النهار، ثم الرجوع عنه في آخره؟ كما نقل عن ابن عباس وقتادة. ﴿وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ﴾ الموجود في التوراة من نبوة محمَّد - ﷺ - ونعته، ﴿وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾؛ أي: والحال أنكم تعلمون أنه رسول من عند الله، وأن دينه حق، وإنما كتمتم الحق عنادًا وحسدًا، وأنتم تعلمون ما تستحقون على ذلك الكتمان من العقاب.
وقرأ يحيى بن وثاب شاذًا: ﴿تَلبَسون﴾ - بفتح الباء - مضارعُ لَبِس الثوب، جعل الحق كأنه ثوب لبسوه، والباء في ﴿بالباطل﴾ على هذه القراءة للحال؛ أي: مصحوبًا بالباطل، وقرأ أبو مجلز شذوذًا: ﴿تُلبِسون﴾ - بضم التاء وكسر الباء المشددة - والتشديد هنا للتكثير، وقرأ عبيد بن عمير شذوذًا أيضًا: ﴿لم تلبسوا﴾ و ﴿تكتموا﴾ بحذف النون فيهما للجزم، قالوا: ولا وجه له إلا ما ذهب إليه من شَذّ من النحاة في إلحاق ﴿لِمَ﴾ بلَمْ في عمل الجزم، والثابت في "لسان العرب": أن لِمَ لا ينجزم ما بعدها، ولم أرَ أحدًا من النحويين ذكر أن: لِمَ تجري مجرى ﴿لَمْ﴾ في الجزم إلا ما ذكره أهل التفسير هنا، وإنما هذا عندي من باب حذف النون حالة الوفع في لغة بعض العرب، كما في قول الراجز:


الصفحة التالية
Icon