تَتَنَاسَاهُ كَأنْ لَمْ تَأْتِهِ وَهُوَ فِي الْعَالَمِ مَشهُوْرٌ كَبِيْر
وقال قائلهم يذم المنان بالعطاء:
أتَيْتَ قَلِيلًا ثُمَّ أَسْرَعْتَ مِنَةً فَنَيْلُكَ مَمْنُونٌ لِذَلِكَ قَلِيْلُ
وقيل المراد بالمن: هو المن على الله، وهو العُجب والأذى لصاحب النفقة. ﴿لَهُمْ أَجْرُهُمْ﴾؛ أي: ثواب إنفاقهم مدخرًا لهم ﴿عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ في الآخرة ﴿وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ﴾ يوم القيامة؛ أي: فلا يخافون فَقْد أجورهم، ولا يخافون العذاب البتة ﴿وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ على ما خلفوا خلفهم من الدنيا.
٢٦٣ - ﴿قَوْلٌ مَعْرُوفٌ﴾؛ أي: كلام جميل يرد به السائل، من غير إعطاء شيء ﴿وَمَغْفِرَةٌ﴾ من المسؤول عن بذاءَة لسان الفقير ﴿خَيْرٌ﴾ للسائل ﴿مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا﴾؛ أي: يعقبها ﴿أَذًى﴾؛ أي: مَنٌّ وتعيير للسائل بالسؤال؛ لكونها مشوبة بضرر التعيير له؛ أي: هذا القول المعروف من المسؤول، والرد الجميل، والمسامحة عن بذاءة لسان السائل خيرٌ للسائل من صدقة يأخذها، ويعقبها المن والتعيير من المسؤول له. وقال الشوكاني (١): والمعنى: أن القول المعروف من المسؤول للسائل، وهو: التأنيس والترجية بما عند الله، والرد الجميل خير من الصدقة التي يتبعها أذى. وقد ثبت في "صحيح مسلم" عنه صلّى الله عليه وآله وسلم: الكلمة الطيبة صدقة، وأن "مِنَ المعروف: أن تلقى أخاك بوجه طلق".
وما أحسن ما قاله ابن دريد:
لاَ تُدْخِلَنَّكَ ضَجْرَةٌ مِنْ سَائِلٍ فَلِخَيْرِ دَهْرِكَ أَنْ تُرَى مَسْؤُولاَ
لاَ تَجْبَهَن بِالرَّدِّ وَجْهَ مَؤَمِّلٍ فَبَقَاءُ عِزِّكَ أَنْ تُرَى مَأْمُولاَ
والمراد بالمغفرة: الستر للخلة وسوء حالة المحتاج، والعفو عن السائل إذا صدر منه من الإلحاح ما يكدِّر صدر المسؤول. انتهى.
٢٦٤ - ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ بما جاء به محمَّد صَلى الله عليه وآله وسلم {لَا
(١) فتح القدير.


الصفحة التالية
Icon