الهزيمة والإهلاك، وقد يأتي بمعنى الغيظ، والإذلال، أو الوهن، الذي يقع في القلب ﴿خَائِبِينَ﴾ اسم فاعل من خاب خيبة كهاب هيبة، والخيبة عدم الظفر بالمطلوب.
البلاغة
قال أبو حيان (١): وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من الفصاحة والبلاغة:
فمنها: إطلاق العام وإرادة الخاص في قوله: ﴿مِنْ أَهْلِكَ﴾ فإن الجمهور قالوا: أراد به بيت عائشة.
ومنها: الاختصاص في قوله: ﴿وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾. وفي قوله: ﴿وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ و ﴿مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾ و ﴿يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ﴾ خص نفسه بذلك كقوله: ﴿وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ﴾.
ومنها: التشبيه في قوله: ﴿لِيَقْطَعَ طَرَفًا﴾ فأشبه من قتل، وتفرق بالشيء المقتطع الذي تفرقت أجزاؤه، وانخرم نظامه، وفي قوله: ﴿وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ﴾ شبه زوال الخوف عن القلب وسكونه عن غليانه باطمئنان الرجل الساكن الحركة، وفي قوله: ﴿فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ﴾ شبه رجوعهم بلا ظفر، ولا غنيمة بمن أمل خيرًا من رجل فأمه فأخفق أمله وقصده.
ومنها: الطباق في قوله: ﴿وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ﴾ لأن النصر إعزازٌ، وهو ضد الذل، وفي قوله: ﴿يَغْفِرُ﴾ و ﴿يُعَذِّبُ﴾ لأن الغفران ترك المؤاخذة، والتعذيب المؤاخذة بالذنب.
ومنها: التجوز بإطلاق التثنية على الجمع في قوله: ﴿أَن تَفْشَلَا﴾، وبإقامة اللام مقام إلى في قوله: ﴿لَيْسَ لَكَ﴾؛ أي: إليك أو مقام على أي؛ ليس عليك.
ومنها: الاعتراض والحذف في مواضع اقتضت ذلك.

(١) البحر المحيط.


الصفحة التالية
Icon