عزائمهم ماضيةً، وهممهم صادقةً فلم يهنوا، ولم يضعفوا، ولم يستكينوا فيما حاولوه من جسيم الأمور. ثم نزل (١) في مقالتهم لرسول الله - ﷺ - بلغنا يا نبيَّ الله أنك قتلت فلذلك انهزمنا فقال الله ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ﴾ - ﷺ - ﴿إِلَّا رَسُولٌ﴾؛ أي: إلا بشر مرسل إلى كافة الناس ﴿قَدْ خَلَتْ﴾ ومضت ﴿مِنْ قَبْلِهِ﴾، أي من قبل محمد ﴿الرُّسُلُ﴾ عليه وعليهم صلوات الله وسلامه أجمعين. فسيخلو كما خلوا، وكما أن أتباعهم بقوا متمسكين بدينهم، وسنتهم بعد خلوهم. فعليكم يا أمة محمد أن تتمسكوا بدينه بعد خلوه؛ لأن المقصود من بعثةِ الرسل تبليغ الرسالة، وإلزام الحجة، لا وجوده وخلوده بين أظهر قومه.
ومحمدٌ اسم (٢) علم لرسول الله - ﷺ - وفيه إشارة إلى وصفه بذلك وتخصيصه بمعناه، وهو الذي كثرت خصاله الحميدة، والمستحق لجميع المحامد المخلوقية؛ لأنه الكامل في نفسه - ﷺ -؛ أي: في خلقه وخلقه، فسماه باسمين مشتقين من اسمه المحمود سبحانه وتعالى، فسمَّاه محمدًا، وأحمد.
وفي ذلك يقول حسان بن ثابت رضي الله عنه:
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أرْسَلَ عَبْدَهُ | بِبُرْهَانِهِ وَاللهُ أَعْلَى وَأَمْجَدُ |
أغَرُّ عَلَيْهِ لِلنَّبُوَّةِ خَاتَمٌ | مِنَ اللهِ مِنْ نُوْرٍ يَلُوْحُ وَيشْهَدُ |
وَضَمَّ اْلإِلهُ اْسْمَ النَّبِيِّ إِلَى اسْمِهِ | إِذَا قَالَ في الْخَمْسِ الْمُؤَذِّنُ أَشْهَدُ |
وَشَقَّ لَهُ مِنْ إِسْمِهِ ليُجِلَّهُ | فَذُوْ الْعَرْشِ مَحْمُوْدٌ وَهَذَا محمَّدُ |
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: كان رسول الله - ﷺ - يسمي لنا
(٢) الخازن.