في أصعد للدخول؛ أي: دخلتم في الصعيد ذهبتم فيه كما تقول: أصبح زيدٌ؛ أي: دخل في الصباح، فالمعنى: إذ تذهبون في الأرض، وتبين ذلك قراءة أبي ﴿إذ تصعدون في الوادي﴾ وقرأ أبو عبد الرحمن، والحسن، ومجاهد، وقتادة، واليزدي ﴿تَصعَدونَ﴾ من صعد في الجبل إذا ارتقى إليه.
والجمع بين القراءتين: أنهم أوَّلًا أصعدوا في الوادي، فلما ضايقهم العدو صعدوا في الجبل، وهذا على رأي من يفرق بين أصعد وصعد. وقرأ أبو حيوة ﴿تصعدون﴾ من تصعد في السلم، وأصله تتصعدون، فحذفت إحدى التائين على الخلاف في ذلك، أهي تاء المضارعة أم تاء تفعل؟.
وقرأ ابن محيصن، وابن كثير في رواية شِبْلٍ ﴿يَصْعَدُون﴾ ﴿ولا يلوون﴾ بالياء على الخروج من الخطاب إلى الغيبة. وقرأ الجمهور (١) ﴿تَلْوُنَ﴾ بفتح التاء، وضم الواو الأولى من لوى الثلاثي، وقرىء ﴿تَلْؤُون﴾ بإبدال الواو الأولى همزةً كراهية اجتماع واوين، وليس بقياس. وقياس هذه الواو المضمومة أن لا تبدل همزةً لأن الضمة فيها عارضةٌ.
وقرأ الأعمش وورش عن عاصم ﴿تُلْوون﴾ بضم التاء من أَلْوى الرباعي، وهي لغةٌ ففعل، وأفعل بمعنى.
وقرأ الحسن ﴿تَلُوْنَ﴾ بواو واحدةٍ، وخرَّجُوها على أنه أبدل الواو همزة، ثم نقلت حركة الهمزة على اللام، ثم حذفت الهمزة على القاعدة، فلم يبق من الكلمة إلا الفاء، وظاهر قوله: ﴿عَلَى أَحَدٍ﴾ بفتح الهمزة على قراءة الجمهور العموم، وقيل: المراد به النبيُّ - ﷺ - وعبر بأحد عنه تعظيمًا له، وصونًا لاسمه أن يذكر عند ذهابهم عنه، قاله ابن عباس، والكلبيُّ، وقرأ حميد بن قيس ﴿على أحد﴾ بضم الهمزة، والحاء، وهو الجبل قاله ابن عطية، والقراءة المشهورة أقوى؛ لأنَّ النبي - ﷺ - لم يكن على الجبل إلا بعد ما فرَّ الناس عنه، وهذه الحال من إصعادهم، إنما كانت وهو يدعوهم انتهى.