بفتح الياء، وضم الغين؛ أي: وما (١) كان لنبيٍّ أن يخون؛ أي: ما جاز له أن يخون أمته في شيء من الغنائم؛ لأن النبوة، والخيانة لا يجتمعان؛ لأنَّ منصب النبوة أعظم المناصب، وأشرفها وأعلاها، فلا تليق به الخيانة؛ لأنها في نهاية الدناءة والخسة، والجمع بين الضدين محال، فثبت بذلك أن النبي - ﷺ - لم يخن أمته في شيء، لا من الغنائم، ولا من الوحي. وقيل: المراد به: الأمة؛ لأنه قد ثبت براءة ساحة النبي - ﷺ - من الغلول، والخيانة، فدلَّ ذلك على أن المراد بالغلول غيره. وقيل: اللام فيه منقولة معناه ما كان النبيُّ ليغل على نفي الغلول عن الأنبياء. وقيل: معناه ما كان لنبي الغلول يعني ما غل نبيٌّ قط، فنفى عن الأنبياء الغلول. وقيل: معناه، وما كان يحل لنبي الغلول، وإذا لم يحل له... لم يفعله. وحجة هذه القراءة أنهم نسبوا النبي - ﷺ - إلى الغلول في بعض الروايات، فبين الله تعالى بهذه الآية، أنَّ هذه الخصلة، لا تليق به، ونفى عنه ذلك بقوله: ﴿وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ﴾.
وقرأ ابن مسعود، ونافع، وابن عامر، وحمزة، والكسائي، ويعقوب ﴿يغل﴾ بضم الياء وفتح الغين بالبناء للمفعول، ولها معنيان:
أحدهما: أن يكون من الغلول أيضًا، ومعناه: وما كان لنبي أن يخان؛ أي: ما جاز له أن تخونه أمته، لأن الوحي يأتيه حالا فحالًا، فمن خانه.. فربما نزل الوحي فيه، فيحصل له مع عذاب الآخرة فضيحة الدنيا؛ ولأن الخيانة في حقه - ﷺ - أفحش؛ لأنه أفضل البشر، ولأن المسلمين في ذلك كانوا في غاية الفقر.
والثاني: أن يكون من الإغلال، ومعناه: وما كان لنبي أن يخون؛ أي: ينسب إلى الخيانة والغلول، أو ما صحَّ له أن يوجد غالًّا.
ومعنى الكلام: أيْ ما كان (٢) من شأن، أي نبيٍّ، ولا من سيرته أن يغلَّ؛ لأنَّ الله تعالى عصم أنبياءه منه، فهو لا يليق بمقامهم، ولا يقع منهم؛ لأن النبوة أعلى المناصب الإنسانية، فصاحبها لا يرغب فيما فيه دناءةٌ، وخسةٌ. {وَمَنْ
(٢) المراغي.