أحدهما: أن تكون استئنافية، أخبر الله أنهم مأمورون إما بالقتال، وإما بالدفع؛ أي: تكثير سواد المسلمين.
والثاني: أن تكون معطوفة على ﴿نَافَقُوا﴾ فتكون داخلة في حيز الموصول؛ أي: ﴿وَلِيَعْلَمَ﴾ الذين حصل منهم النفاق، والقول المذكور و ﴿تَعَالَوْا﴾ و ﴿قَاتِلُوا﴾ كلاهما قائم مقام الفاعل، لـ ﴿قِيلَ﴾؛ لأنه هو المقول. قال أبو البقاء: (١) وإنما لم يأت بحرف العطف بين ﴿تَعَالَوْا﴾ و ﴿قَاتِلُوا﴾ لأنه أراد أن تكون كل من الجملتين مقصودةً بنفسها، ويجوز أن يقال: إن المقصود هو الأمر بالقتال، و ﴿تَعَالَوْا﴾ ذكر ما لو سكت عنه.. لكان في الكلام دليلٌ عليه، وقيل: الأمر الثاني حالٌ انتهى.
﴿قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ﴾.
﴿قَالُوا﴾ فعل وفاعل، والجملة مستأنفة. ﴿لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ﴾ مقول محكي لـ ﴿قَالُوا﴾ وإن شئت قلت: ﴿لَوْ﴾ حرف شرط غير جازم. ﴿نَعْلَمُ﴾ فعل مضارع، وفاعله ضمير يعود على المنافقين. ﴿قِتَالًا﴾ مفعول به؛ لأن علم بمعنى عرف. ﴿لَاتَّبَعْنَاكُمْ﴾ ﴿اللام﴾ رابطة لجواب لو. ﴿اتَّبَعْنَاكُمْ﴾ فعل وفاعل ومفعول، والجملة جواب ﴿لَوْ﴾ لا محل لها من الإعراب وجملة لو من فعل شرطها وجوابها في محل النصب مقول ﴿قَالُوا﴾.
﴿هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ﴾
﴿هُمْ﴾ مبتدأ. ﴿لِلْكُفْرِ﴾ جار ومجرور متعلِّقٌ بأقرب الآتي. ﴿يَوْمَئِذٍ﴾ ظرف ومضاف إليه متعلِّقٌ بأقرب أيضًا كما ذكره أبو حيان. ﴿أَقْرَبُ﴾ خبر المبتدأ والجملة الإسمية مستأنفة. ﴿مِنْهُمْ﴾ جار ومجرور متعلق بأقرب. ﴿لِلْإِيمَانِ﴾ جار ومجرور متعلق بـ ﴿أَقْرَبُ﴾ أيضًا، و ﴿أَقْرَبُ﴾ تعلقت به هنا أربع ظروفات.
فإن قلت: من المعلوم أنه لا يتعلق حرفا جرٍّ متحدان لفظًا ومعنًى بعامل واحد، إلا أن يكون أحدهما معطوفًا على الآخر، أو بدلًا منه؛ فكيف تعلقا هنا بـ ﴿أَقْرَبُ﴾؟