الذين اتقوا، وخافوا عقاب ربهم بفعل المأمورات، واجتناب المنهيات، وإن أخذوا في التجارات، والمكاسب لهم جنات وبساتين ﴿تَجْرِي﴾ وتسيل ﴿مِنْ تَحْتِهَا﴾؛ أي: من تحت أشجارها وقصورها ﴿الْأَنْهَارُ﴾ من الماء، واللبن، والخمر، والعسل حالة كونهم ﴿خَالِدِينَ فِيهَا﴾؛ أي: في تلك الجنات أبدًا لا يموتون، ولا يخرجون منها، فلا يضرهم التبسط في الدنيا، إذا كان على الوجه المعروف في الشرع، فذم الدنيا ومعيشتها للكافر خاصة كما قال بعضهم:
مَا أَحْسَنَ الدِّيْنَ وَالدُّنْيَا إِذَا اجْتَمَعَا | لاَ بَارَكَ اللهُ فِيْ دُنْيَا بِلاَ دِيْنِ |
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: جئت رسول الله - ﷺ - فإذا هو في مشربة، وإنه لعلَى حصير ما بينه وبينه شيء، وتحت رأسه وسادة من أدم، حشوها ليف، وعند رجليه قرظ مصبور، وعند رأسه أُهَبٌ معلقة، فرأيت أثَر الحصير في جنبه، فبكيت فقال: "ما يبكيك"؟ قلت: يا رسول الله، إن كسرى وقيصر فيما هم فيه، وأنت رسول الله. فقال: "أمَا ترضَى أن تكون لهم الدنيا، ولنا الآخرة". متفق عليه. وهذا لفظ البخاري. والمشربة الغرفة والعليةُ والمشاربُ العلالي.
١٩٩ - ﴿وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ﴾؛ أي: وإن من اليهود والنصارى ﴿لَمَنْ يُؤْمِنُ﴾ ويصدق ﴿بـ﴾ وحدانية ﴿الله﴾ تعالى كعبد الله بن سلام، وأصحابه، والنجاشي، وأصحابه ﴿و﴾ يؤمن بـ ﴿ما أنزل إليكم﴾ من القرآن ﴿و﴾ يؤمن بـ ﴿ما أنزل إليهم﴾