الموطأ كالفراش والنزلُ بضمتين ما يهيأ للضيف النازل. وفي "السمين": النزاع ما يهيأ للضيف، هذا أصله ثم اتسع فيه، فأطلق على الرزق والغذاء، وإن لم يكن ضيف، ومنه ﴿فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ﴾ وفيه قولان: هل هو مصدر، أو جمع نازل. انتهى ﴿لِلْأَبْرَارِ﴾ جمع بار، وهو المتصف بالبر؛ أي: الإحسان كما مر ﴿وَصَابِرُوا﴾؛ أي: غالبوا أعداءكم بالصبر على شدائد القتال والحرب، وهو من باب: فاعل الرباعي فيدل على المفاعلة ﴿وَرَابِطُوا﴾؛ أي: أقيموا في الثغور رابطين خُيولَكم حابسينَ لها، مترصدينَ للغزو، فهو من باب: فاعل قال على المفاعلة أيضًا. وأصل (١) المرابطة: أن يربط هؤلاء خيولَهم، وهؤلاء خيولَهم بحيث يكون كل من الخصمين مستعدًا لقتال الآخر، ثم قيل لكل مقيم بثغر يدفع عمن وراءه مرابط، وإن لم يكن له مركوب مربوط. والتقوى: اسم من اتقى يتقى إتقاء ثلاثيه تقى يتقي، كقضى يقضي، والتقوى أن تقي نفسك وتحفظها من غضب الله وسخطه. والفلاح: اسم مصدر من أفلح، وهو الفوز، والظفر بالبغية المقصودة من العمل.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات من ضروب البيان والبديع أنواعًا (٢):
منها: الاختصاص في قوله: ﴿لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾، وفي قوله: ﴿وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ﴾، و ﴿وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ﴾، و ﴿وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾، و ﴿وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ﴾.
ومنها: وضع الظاهر موضع المضمر في قوله: ﴿وَمَا لِلظَّالِمِينَ﴾ فكان مقتضى الظاهر أن يقال: وما لهم، أو وما له، مراعاةً لمعنى ﴿من﴾ أو لفظها.
ومنها: التجنيس المماثل في قوله: ﴿أن آمنوا فآمنا﴾، و ﴿عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ﴾.
ومنها: المغايرُ في قوله: ﴿مُنَادِيًا يُنَادِي﴾.
ومنها: الإشارة في قوله: ﴿مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا﴾.

(١) الخازن.
(٢) البحر المحيط بتصرف.


الصفحة التالية
Icon