حالهم حال من له رحم. ذكره أبو حيان.
وقيل: مناسبتها أنه سبحانه وتعالى لما (١) افتتح السورة بذكر ما يجب على العبد أن ينقادَ له من التكاليف؛ ليبتعد عن سخطه وغضبه في الدنيا والآخرة.. شرع يذكر أنواعها، وأولها: إيتاء اليتامى أموالهم، وثانيها: حكم ما يحل عدده من الزوجات، ومتى يجب الاقتصار على واحدةٍ، ثم أوجب إيتاء الصداق لهن.
قوله تعالى ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ...﴾ الآيات، مناسبتها لما قبلها أنه سبحانه وتعالى، لما أمر في الآيات السالفة بإيتاء اليتامى أموالهم، وبإيتاءِ النساء مهورهن.. أتى في هذه الآية بشرط للإيتاء يشمل الأمرين معًا، وهو أن لا يكون كل منهما سفيهًا مع بيان أنهم يرزقون فيها، ويكسون ما دامت في أيديهم مع قول المعروف لهم، حتى تحسن أحوالهم، وأنه لا تسلم إليهم الأموال إلا إذا أونس منهم الرشد، وأنه لا ينبغي الإسراف في أكل أموال اليتامى، فمن كان من الأولياء غنيًّا.. فليعف عن الأكل من أموالهم، ومن كان فقيرًا.. فليأكل بما يبيحه الشرع، ويستجيزه أرباب المروءة.
قوله تعالى: ﴿لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ...﴾ الآيات، مناسبتها لما قبلها، أنه سبحانه وتعالى لما ذكر في الآيات السابقة حرمة أكل أموال اليتامى، وأمر بإعطائهم أموالَهم إذا رشدوا، ومنع أكل مهور النساء أو تزويجَهن بغير مهر.. ذكر هنا أن المال الموروث الذي يحفظه الأولياء لليتامى، يشترك فيه الرجال والنساء، وقد كانوا في الجاهلية لا يورثون النساء، والأولاد الصغار، ويقولون: لا يرث إلا من طاعن بالرماح، وحاز بالغنيمة، ثم أمر بإحسان القول إلى اليتامى؛ لأن اليتيم مرهف الحس، يألم للكلمة تهينه، ولا سيما ذكر أبيه، وأمه بسوء، وقلما يوجد يتيم لا يمتهن، ولا يقهر بالسوء من القول، ثم طلب الإشفاقَ عليهم ومعاملتَهم بالحسنى، فربما يترك الميت ذريةً ضعافًا يود أن غيره

(١) المراغي.


الصفحة التالية
Icon