الدرهمَ الجيدَ، ويجعل مكانَه الزيف، ويقول: شاة بشاة، ودرهم بدرهم، فذلك تبديلهم فنهوا عنه، وقال عطاء: هو الربح في مال اليتيم، وقيل: هو أكل مال اليتيم عوضًا عن أكل أموالهم فنهوا عنه.
وخلاصة ذلك (١): واحفظوا أيها الأولياء والأوصياء أموالَ اليتامى، ولا تتعرضوا لها بسوءٍ، وسلموها لهم متى آنستم منهم رشدًا ولا تتمتعوا بأموالهم في المواضع، والحالات التي من شأنكم أن تتمتعوا فيها بأموالكم، فإذا فعلتم ذلك.. فقد جعلتم مالَ اليتيم بدلًا من مالكم.
﴿وَلَا تَأكُلُوا أَمْوَالَهُمْ﴾؛ أي: أموال اليتامى مخلوطةً ومضمومةً ﴿إِلَى أَمْوَالِكُمْ﴾ حتى لا تفرقوا بين أموالهم وأموالكم في الانتفاع بها؛ لأن في ذلك قلة مبالاة بما لا يحل، وتسوية بين الحرام والحلال، فإنه لا يحل لكم من أموالهم ما زاد على قدر الأقل من أجرتكم ونفقتكم.
والمراد بالأكل هنا: سائر التصرفات المهلكة للأموال، وإنما ذكر الأكلَ؛ لأن معظم ما يقع من التصرفات؛ فهو لأجله ﴿إِنَّهُ﴾؛ أي: إن أكل أموال اليتامى بغير حق ﴿كَانَ﴾ عند الله تعالى ﴿حُوبًا﴾؛ أي: ذنبًا ﴿كَبِيرًا﴾؛ أي: عظيمًا، وإثمًا شديدًا.
والمعنى (٢): أن أكلكم أموالهم مع أموالكم إثم عظيم، وخطأُ كبير فاجتنبوه.
فإن اليتيم ضعيفٌ لا يقدر على حفظ ماله، والدفاع عنه، فهو في حاجة إلى رعاية، وحماية، وظلم الضعيف عند الله عظيم. وقرأ الجمهور (٣) ﴿حُوبًا﴾ بضم الحاء، وقرأ الحسن ﴿حُوبًا﴾ بفتح الحاء، وهي لغة تميم، وغيرهم وقرأ أبي بن كعب ﴿حُوبًا كَبِيرًا﴾ بالألف، وكلها مصادر كقال قولًا وقالًا.
٣ - ثم أرشد تعالى إلى ترك التزوج من اليتيمة إذا لم يعطها مهر أمثالها فقال: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ﴾ يا أولياء

(١) المراغي.
(٢) ابن كثير.
(٣) البحر المحيط.


الصفحة التالية
Icon