ومنها: إقامة الظرف المكاني مقام الزماني في قوله: ﴿مِنْ خَلْفِهِمْ﴾؛ أي: من بعد وفاتهم.
ومنها: الاختصاص في قوله: ﴿بُطُونِهِمْ﴾ خصها دون غيرها؛ لأنها محل للمأكولات.
ومنها: التعريضُ في قوله: ﴿فِي بُطُونِهِمْ﴾ عرض بذكر البطون لخستهم، وسقوط هممهم، والعرب تذم بذلك قال شاعرهم:

دَعِ الْمَكَارِمَ لاَ تَرْحَلْ لِبُغْيَتِهَا وَاقْعُدْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الطَّاعِمُ الْكَاسِيْ
ومنها: تأكيد الحقيقة بما يرفع احتمالَ المجاز في قوله: ﴿فِي بُطُونِهِمْ﴾ رفع المجازَ العارضَ في قوله: ﴿أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا﴾ على قول من حمله على الحقيقة، ومَنْ حملَه على المجاز فيكون عنده من ترشيح المجاز، ونظيره في كونه رافعًا للمجاز قوله ﴿يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ﴾، وقوله: ﴿يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ﴾ والحذف في عدة مواضعَ مثل قوله: ﴿وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً﴾؛ أي: كثيرًا.
ومنها: المقابلة اللطيفة بَيْنَ ﴿وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ﴾ ﴿وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأكُلْ بِالْمَعْرُوفِ﴾.
فائدة: وفي قوله تعالى: ﴿نَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ إشارة إلى ترك المفاخرة، والكبر لتعريفه إياهم، بأنهم من أصل واحد، ودلالة على المعاد؛ لأن القادر على إخراج أشخاص مختلفينَ من شخص واحد، فقدرته على إحيائهم بطريق الأولى، و ﴿زَوْجَهَا﴾ هي حواء، وظاهر منها ابتدأ خلق حواء من نفسه، وأنه هو أصلها الذي اخترعت، وأنشئت منه، ويدل عليه الحديث الصحيح في قوله - ﷺ -: "إن المرأة خلقت من ضلع أعوج، فإن ذهبت تُقِيمُها كسرتها، وكسرها طلاقها" انتهى.
والله سبحانه وتعالى أعلم
* * *


الصفحة التالية
Icon