فقالت: يا رسول الله: إن أبا قيس تُوفي، وورث نكاحي ابنه، فلا هو ينفق علي، ولا هو يدخل بي، ولا يخلي سبيلي، فقال: "اقْعُدي في بيتك، حتى يأتي أمر الله فيك"، فأنزل الله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا﴾ يعني: ميراثَ نكاح النساء، وقيل: معناه أن ترثوا أموالَهن كرهًا، يعني وهن كارهاتُ.
التفسير وأوجه القراءة
١٥ - ﴿و﴾ النسوة ﴿اللاتي﴾ جمع التي في المعنى دون اللفظ؛ أي: والنسوة اللاتي ﴿يَأتِينَ﴾، ويفعلن ﴿الْفَاحِشَةَ﴾ والزنا حالةَ كونهن كائنات ﴿مِنْ نِسَائِكُمْ﴾، وأزواجكم المؤمنات المحصنات، وفي التعبير عن الإقدام على الفواحش بهذه العبارات معنى دقيقٌ، وهو أنَّ الفاعلَ لها ذهب إليها بنفسه، واختارَها بطبعه، والفاحشةُ: الفعلة القبيحة والمراد بها هنا: الزنا لزيادتها في القبح على كثير من القبائح.
﴿فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ﴾؛ أي: فأشهدوا أيها المسلمون على فعلهن الفاحشة؛ أي: على العَورتَينِ ﴿أَرْبَعَةً مِنْكُمْ﴾؛ أي: أربعة رجال أحرار كائنين منكم أيها المؤمنون، أو المعنى: أطلبوا أربعة رجال منكم يشهدون على زَناهنَ، ويشترط في هذه الشهادة: المذكورة، والعدالة. قال الزهري: مضت السنة من رسول الله - ﷺ - والخليفتين بعده أنْ لا تُقبل شهادة النساء في الحدود.
والحكمة في هذا (١): إبعاد النساء عن مواقع الفواحش، والجرائم، والعقاب، والتعذيب رغبةً في أن يكنَّ دائمًا غافلات عن القبائح، لا يفكرنَ فيها، ولا يخضنَ مع أربابها، والظاهر: أنه يجوز الاستشهاد لمعاينة الزنا، وأن تعمدَ النظر إلى الفرج، لا يقدَحُ في العدالة؛ إذا كان ذلك؛ لأجل الزنا.
وقرأ عبد الله ﴿واللاتي يأتين بالفاحشة﴾ ﴿فَإِنْ شَهِدُوا﴾؛ أي: فإن شهد

(١) المراغي.


الصفحة التالية
Icon