الإيمان؟ وهو الدلائل التي نصبها الله تعالى على التوحيد والنبوة. وقال عكرمة، والأصم، والزجاج: أي أكفرتم يا أهل الكتاب بعد بعثة محمَّد - ﷺ - بعد إيمانكم به قبل مبعثه؟.
وابتدأ (١) بالذين اسودت وجوههم، للاهتمام بالتحذير من حالهم، ولمجاورة قوله وتسود وجوه، وليكون الابتداء بالمؤمنين والاختتام بحكمهم فيكون مطلع الكلام ومقطعه شيئًا يسر الطبع، ويشرح الصدر.
فإن قلت (٢): كيف قال؟ أكفرتم بعد إيمانكم وهم لم يكونوا مؤمنين، فمن المراد بهؤلاء الذين كفروا بعد إيمانهم؟
قلت: اختلف العلماء في ذلك، فروي عن أبيّ بن كعب أنه قال: أراد به الإيمان يوم أخذ الميثاق حين قال لهم: ألست بربكم؟ قالوا: بلى فآمن الكل، فكل من كفر في الدنيا.. فقد كفر بعد الإيمان، وقال الحسن: هم المنافقون؛ وذلك أنهم تكلموا بالإيمان بألسنتهم، وأنكروه بقلوبهم. وقال عكرمة: هم أهل الكتاب؛ وذلك أنهم آمنوا بمحمد - ﷺ - قبل مبعثه، فلما بعث.. أنكروه وكفروا به كما مر آنفًا. وقيل: هم الذين ارتدوا في زمن أبي بكر الصديق رضي الله عنه وهم أهل الردة.
ذكر الأحاديث المناسبة للآية
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله - ﷺ -: "أنا فرطكم على الحوض، وليرفعن إليّ رجال منكم حتى إذا أهويت إليهم لأنالهم، اختلجوا دوني، فأقول: أي رب أصحابي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك". متفق عليه.
وعن أنس رضي الله عنه أنَّ رسول الله - ﷺ - قال: "ليردن علي الحوض رجال ممن صاحبني، حتى إذا رفعوا إليّ اختلجوا دوني فلأقولنَّ: أي رب أصحابي أصحابي فيقال لي: لا تدري ما أحدثوا بعدك". زاد في رواية "فأقول سحقا لمن
(٢) الخازن.