والإِسلام لم يَفرُض السَّبْيَ، ولم يُحْرِّمه؛ لأنه قد يكون من الخير للسبايا أنفسِهن في بعض الأحوال، كما إذا استأصلَتْ الحرب جميعَ الرجال مِن قبيلة محدودةِ العدد، فإِنْ رَأَى المسلمون أنَّ من الخير أن تُردَّ السبايا إلى قومهن.. جاز لهم ذلك، عملًا بقاعدةِ "دَرْءُ المفاسد مقدم على جلب المصالح" وإن كانت الحرب لمطامع الدنيا، وحظوظِ المُلُوك.. فلا يباح فيها السبي.
والاسترقاقُ (١) المعروفُ في هذا العصر في بلاد السودان، وبلادِ الحجاز وغيرِها غير شرعي، وهو محرم لأن أولئك اللواتي تسترققن حرائرُ من بناتِ المسلمين الأحرار، فلا يجوز الاستمتاع بهن بغيرِ عقدِ النكاح، والإِسلامُ بَريء من هذا.
وقولُه: ﴿مِنَ النِّسَاءِ﴾ قَيْدٌ جِيءَ به لإفادةِ التعميم، وبيانِ أنَّ المرادَ كلُّ متزوجة لا العفيفات والمسلمات، وقد جاء الإِحصان في القرآن لأربعةِ معان (٢):
١ - التزوّج كما في هذه الآية.
٢ - العفةُ كما في قوله: ﴿مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ﴾.
٣ - الحريةُ كما في قوله: ﴿وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ﴾.
٤ - الإِسلام كما في قوله: ﴿فَإِذَا أُحْصِنَّ﴾؛ أي: أسلَمْنَ على قراءة البناء للفاعل.
واختلف القراء (٣) في كلمةِ ﴿المحصنات﴾ سواء كانت معرَّفة بأل أم نكرة، فقرأ الجمهور بفتح الصاد، والكسائي بكسرها في جميع القرآن، إلا التي في هذه الآية فإنهم أجمعوا فيها على الفتح، والمعنى: أحصنهن الأزواجُ بالتزوج؛ أي:

(١) المراغي.
(٢) المراغي.
(٣) المراح.


الصفحة التالية
Icon