الفصل الخامس
من نواقض الوضوء مس الفرج من نفسه أو غيره، فذهب قوم إلى أنه يوجب الوضوء، وهو قول عمر وابن عمر وابن عباس وسعد بن أبي وقاص وأبي هريرة وعائشة - رضي الله عنهم - وبه قال سعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، وإليه ذهب الأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق، غير أن الشافعي قال: ينتقض الوضوء إذا لمس ببطن الكف، والرجل والمرأة في ذلك سواء، ويدل على ذلك ما روي عن بسرة بنت صفوان، أن رسول الله - ﷺ - قال: "من مس ذكره.. فلا يصلِّ حتى يتوضأ"، أخرجه الترمذي، وقال حديث صحيح ولأبي داود والنسائي نحوه.
وعن أم حبيبة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله - ﷺ - يقول: "من مس فرجه فليتوضأ". أخرجه ابن ماجه وصححه أحمد وأبو زرعة.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - ﷺ - قال: "من أفضى بيده إلى ذكره، وليس دونه ستر.. فقد وجب عليه الوضوء" أخرجه أحمد ابن حنبل.
وذهب قوم إلى أن مس الذكر لا يوجب الوضوء، وهو قول علي وابن مسعود وأبي الدرداء وحذيفة، وبه قال الحسن: وإليه ذهب الثوري وابن المبارك وأصحاب الرأي، واحتجوا بما روي عن طلق بن علي قال: قدمنا على رسول الله - ﷺ -، فجاءه رجل كأنه بدوي، فقال: يا نبي الله، ما ترى في مس الرجل ذكره بعد ما توضأ؟ قال: "هل هو إلا مضغة منه؟ " أو قال: "بضعة منه". أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي نحوه بمعناه.
وأجاب من أوجب الوضوء على من مس الذكر عن حديث طلق بن علي، بأن قدومه على رسول الله - ﷺ - كان في أول الهجرة، وهو يبني المسجد، وأبو هريرة رضي الله عنه من آخرهم إسلامًا وقد روى بانتقاض الوضوء بمس الذكر، فصار حديث أبي هريرة رضي الله عنه ناسخًا لحديث طلق بن علي، وأيضًا فإن حديث طلق يرويه عنه ابنه قيس بن طلق، وهو ليس بالقوي عند أهل الحديث.


الصفحة التالية
Icon