التي كثر فيها السفاح، وقلّ النكاح بضعف الدين وقلته، وقف نموها، وقلّ نسلها، وضعفت حتى اضطرت إلى الاعتزاز بمحالفة بعض الدول الأخرى.
وفي الآية: دليل على أن الصداق لا يتقدر بشيء، فيجوز على القليل والكثير، لإطلاق قوله تعالى: ﴿أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ﴾.
﴿فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ﴾؛ أي: فأي امرأة انتفعتم بها بالعقد عليها، أو تلذذتم بوطئها من تلك النساء الحلالات لكم، ﴿فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾؛ أي: فأعطوهن مهورهن التي فرضتم لهن ﴿فَرِيضَةً﴾ وقدرتموها لهن تقديرًا، وسميتموها لهن في عقد النكاح، وإنما سمي المهر أجرًا لأنه بدل المنافع، لا بدل الأعيان، كما يسمى بدل منافع الدار والدابة أجرًا؛ أي: وأي امرأة من النساء اللواتي أُحلِلْن لكم تزوجتموها فأعطوها الأجر، وهو المهر بعد أن تفرضوه في مقابلة ذلك الانتفاع.
وسر هذا: أن الله لما جعل للرجل على المرأة حق القيام، وحق رياسة المنزل الذي يعيشان فيه، وحق الاستمتاع بها.. فرض لها في مقابلة ذلك جزاءًا وأجرًا تطيب به نفسها، ويتم به العدل بينها وبين زوجها.
والخلاصة: أن أي امرأة طلبتم أن تتمتعوا وتنتفعوا بتزوجها، فأعطوها المهر الذي تتفقون عليه عند العقد، حالة كونه فريضة فرضها الله عليكم، وذلك أن المهر يفرض ويعين في عقد النكاح، ويسمى ذلك إيتاءً وإعطاءً، فيتعين بفرضه في العقد، ويصير في حكم المعطى، وقد جرت العادة أن يعطى كله أو أكثره قبل الدخول، ولكن لا يجب كله إلا بالدخول، فمن طلق قبله وجب عليه نصفه لا كله، ومن لم يعط شيئًا قبل الدخول وجب عليه كله بعده، وقيل إن هذه الآية واردة في نكاح المتعة الذي كان في صدر الإِسلام، حيث كان الرجل ينكح المرأة وقتًا معلومًا ليلة أو ليلتين أو أسبوعًا بثوب أو غيره، ويقضي منها وطره ثم يسرحها. وفي "الخازن": وقال قوم: المراد من حكم هذه الآية نكاح المتعة، وهو أن ينكح امرأةً إلى مدة معلومة بشيء معلوم، فإذا انقضت تلك المدة.. بانت منه من غير طلاق، وتستبرىء رحمها بحيضة. وفي "القرطبي": وقال ابن


الصفحة التالية
Icon