قلتُ: إنما خاطبهم بما يعقلون ويعرفون؛ وذلك لأن بلاد العرب في غاية الحرارة، فكان الظل عندهم من أعظم أسباب الراحة واللذاذة، فهو كقوله: ﴿وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا﴾، ويقال: إن أوقات الجنة كلها سواء اعتدالًا لا حر فيها ولا برد.
وقرأ النخعي (١) وابن وثاب: ﴿سيدخلهم﴾ بالياء، وكذا ﴿ويدخلهم ظلًّا﴾ فمن قرأ بالنون وهم الجمهور.. لاحظ قوله في وعيد الكفار: ﴿سوف نصليهم﴾، ومن قرأ بالياء.. لاحظ قوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾، فأجراه على الغيبة.
الإعراب
﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ (٤٤)﴾.
﴿أَلَمْ﴾ الهمزة للاستفهام التعجبي، ﴿لم ترَ﴾ فعل وجازم، وفاعله ضمير يعود على المخاطب، أو على النبي - ﷺ -، ورأى هنا بصرية، تتعدى إلى مفعول واحد، وذلك الواحد عدت إليه بـ ﴿إِلَى﴾ لأنها ضمنت معنى النظر، والجملة مستأنفة. ﴿إِلَى الَّذِينَ﴾: جار ومجرور في محل النصب مفعول ﴿تَرَ﴾ متعلق به. ﴿أُوتُوا﴾: فعل ونائب فاعل، ﴿نَصِيبًا﴾: مفعول ثان، والجملة صلة الموصول، ﴿مِنَ الْكِتَابِ﴾: جار ومجرور صفة لـ ﴿نَصِيبًا﴾، ﴿يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ﴾: فعل وفاعل ومفعول به، والجملة في محل النصب حال من ضمير ﴿أُوتُوا﴾، أو من الموصول. ﴿وَيُرِيدُونَ﴾؛ فعل وفاعل، والجملة في محل النصب معطوفة على جملة ﴿يَشْتَرُونَ﴾. ﴿أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ﴾: ناصب وفعل وفاعل ومفعول به، والجملة في تأويل مصدر منصوب على المفعولية لـ ﴿يُرِيدُونَ﴾؛ أي: ويريدون ضلالتكم السبيل.

(١) البحر المحيط.


الصفحة التالية
Icon