الغزوات؛ لبعدهم عن نسائهم، فرخص فيه مرة أو مرتين خوفًا من الزنا، فهو من قبيل ارتكاب أخف الضررين، ثم نهى عنه نهيًا مؤبدًا - كما مر - لأن المتمتع به لا يكون مقصده الإحصانُ، وإنما يكون مقصده المسافحةُ - للأحاديث المصرحة بتحريمه تحريمًا مؤبدًا إلى يوم القيامة:
فمنها: ما أخرجه مسلم عن سَبْرة بن معبد الجهني - رضي الله عنه - أنه كان مع رسول الله - ﷺ - فقال: "يا أيها الناس إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء وإنَّ الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء.. فليخل سبيله ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئًا".
ومنها: ما أخرجه الشيخان عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: (نهى رسول الله - ﷺ - عن متعة النساء يوم خيبر، وعن أكل لحوم الحمر الإنسية).
ولنهي عمر في خلافته وإشادته بتحريمه على المنبر وإقرار الصحابة له على ذلك. وإلى هذا ذهب جمهور العلماء من الصحابة، فمن بعدهم؛ أي: إنَّ نكاح المتعة حرام. وقال قوم: المراد من حكم الآية نكاح المتعة، ثم نسخت بما روي عن النبي - ﷺ -، أنه نهى عن متعة النساء، وهذا تكلف لا يحتاج إليه، لأن النبي - ﷺ - أجاز المتعة أولًا ثم منع منها، فحرمها فكان قوله منسوخًا بقوله، وأما الآية فإنها لم تتضمن جواز المتعة؛ لأنه تعالى قال فيها: ﴿أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ﴾ فدل ذلك على النكاح الصحيح، فليس فيها دلالة على المتعة.
٢٥ - ﴿وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ﴾؛ أي: ومن لم يقدر منكم أيها الأحرار ﴿طَوْلًا﴾؛ أي: مهرًا يكون له وصلة وسببًا إلى ﴿أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ﴾؛ أي: إلى نكاح الحرائر ﴿الْمُؤْمِنَاتِ﴾ بأن لم يجد ما يمهره للحرة، أو وجده ولم ترض به، لعيب في خُلقه أو خَلقه، أو عجزٍ عن القيام بغير المهر من حقوق المرأة الحرة، من النفقة وغيرها، فإن لها حقوقًا كثيرة، وليس للأمة مثل هذه الحقوق. ﴿فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾؛ أي: فلينكح أمة كائنة من الإماء اللاتي ملكتهن أيمانكم وأيديكم، حالة كونها ﴿مِنْ فَتَيَاتِكُمُ﴾؛ أي: من إمائكم ﴿الْمُؤْمِنَاتِ﴾.
والمعنى: من لم يقدر على مهر الحرة المؤمنة.. فليتزوج الأمة المؤمنة دون


الصفحة التالية
Icon