الفعل في المفضل عليه بناء على اعتقادهم، أو بطريق التهكم، وإما بمعنى اسم الفاعل، ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا﴾: أصل الطمس (١) هو الآثار وإزالة الأعلام بمحوها أو بإخفائها، كما تطمس آثار الدار وأعلام الطرق إما بأن تنقل حجارتها وإما بأن تسفوها الرياح، ومنه الطمس على الأموال في قوله: ﴿رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ﴾؛ أي: أزلها وأهلكها والطمس على الأعين في قوله: ﴿وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ﴾ إما بإزالة نورها، وإما بمحو حدقتها، وفعله من باب فعل المفتوح، وفي مضارعه وجهان: الضم يقال: طمس يطمس طمسًا وطموسًا من باب نصر، والكسر: طمس يطمِس طمسًا من باب ضرب، والوجه (٢): تارة يراد به الوجه المعروف، وتارة وجه النفس وهو ما تتوجه إليه من المقاصد، كما قال تعالى: ﴿أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ﴾، وقال: ﴿وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ﴾، وقال: ﴿أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا﴾، والأدبار: جمع دبر وهو الخلف والقفا.
﴿فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا﴾ يقال: افترى فلان الكذب - من باب افتعل - إذا اعتمله واختلقه، وأصله من الفري بمعنى القطع، يقال: فرى عليه الكذب - من باب رمى - فريًا وفرية إذا اختلقه عليه من عند نفسه، قال الراغب: الإثم والآثام اسم للأفعال المبطئة عن الثواب؛ أي: عن الخيرات التي يثاب المرء عليها، وقد يطلق الإثم على ما كان ضارًّا انتهى. ﴿يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ﴾: من زكَّى الرباعي مزيد زكى بمعنى طهر ونما، يقال: زكى نفسه يزكي تزكية إذا مدحها، قال تعالى: ﴿فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى﴾، ﴿وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا﴾ والظلم النقص، والفتيل ما يكون في شق نواة التمر مثل الخيط، وبه يضرب المثل في الشيء الحقير، كما يضرب بمثقال ذرة، فهو فعيل بمعنى مفعول.
﴿يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ﴾ الجبت أصله الجبس (٣)، وهو: الرديء الذي لا خير فيه، ويراد به هنا الأوهام والخرافات والدجل، والطاغوت: ما تكون
(٢) المراغي.
(٣) المراغي.