الحرائر. ﴿فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ﴾؛ أي: فاخطبوهن بإذن سادتهن، واطلبوا منهم نكاحهن، فقد اتفق العلماء على أن نكاح الأمة بغير إذن سيدها باطل؛ لأن الله تعالى جعل إذن السيد شرطًا في جواز نكاح الأمة.
وقال بعضُ الفقهاء: المرادُ من الأهل من لهم علين ولاية التزويج، ولو غير المالكين كالأب والجد والقاضي والوصي، إذ لكل منهم تزويج أمة اليتيم. ﴿وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾؛ أي: وأعطوهن مهورهن، وأدوها إليهن بإذن أهلهن، أو أدوها إلى مواليهن، وأجمعوا إلا مالكًا على أن المهر للسيد؛ لأنه ملكه، وإنما أضيف إيتاء المهر إلى الإماء لأنه ثمن بضعهن.
وقال مالك (١): المهر حق للزوجة على الزوج، وإن كانت أمة فهو لها لا لمولاها، وإن كان الرقيق لا يملك شيئًا لنفسه، لأن المهر حق الزوجة تصلح به شأنها، ويكون تطييبًا لنفسها في مقابلة رياسة الزوج عليها، وسيد الأمة مخير بين أن يأخذه منها بحق الملك، أو يتركه لها لتصلح به شأنها، وهو الأفضل الأكمل.
﴿بِالْمَعْرُوفِ﴾؛ أي: أعطوهن مهورهن بالمعروف؛ أي: من غير ضرار، ولا مطل ولا نقصان، وقيل: معناه وآتوهن مهور أمثالهن، اللاتي يساوينهن في الحال والحسب. وقوله: ﴿مُحْصَنَاتٍ﴾ حال من مفعول فانكحوهن؛ أي: فانكحوهن حال كونهن محصنات؛ أي: عفائف من الزنا ندبًا بناء (٢) على المشهور من جواز نكاح الزواني، ولو كن إماء وقيل المعنى: أعطوهن أجورهن حالة كونهن متزوجات لكم، ﴿غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ﴾؛ أي: غير مجاهرات بالزنا؛ أي: غير مؤجرة نفسها مع أي رجل أرادها كالمومسات، ﴿وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ﴾؛ أي: غير متخذات أخلاء معينين يزنون بهنَّ سرًّا، وهو حال مؤكدة كالذي قبله؛ لأن الإحصان لا يجامع السفاح كما مر.
والمسافحون (٣) هم الزانون المبتذلون، وكذلك المسافحات من الزواني

(١) المراغي.
(٢) خطيب.
(٣) البحر المحيط.


الصفحة التالية
Icon