عنهما قال: لما اعتزل رسول الله - ﷺ - نساءه.. قال: دخلت المسجد فإذا الناس ينكتون بالحصى ويقولون طلق رسول الله - ﷺ - نساءه، وذلك قبل أن يؤمرن بالحجاب، قال عمر: لأعلمن ذلك اليوم، فذكر الحديث، وفيه - بعد استئذانه على رسول الله - ﷺ - فقلت: أطلقتهن يا رسول الله؟ قال: "لا"، قلت: يا رسول الله إني دخلت المسجد، والناس ينكتون بالحصى يقولون: طلق رسول الله - ﷺ - نساءه، فأنزل وأخبرهم أنك لم تطلقهن، قال: "نعم إن شئت"، فذكر الحديث، وفيه: فقمت على باب المسجد فناديت بأعلى صوتي لم يطلق رسول الله - ﷺ - نساءه، ونزلت الآية: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾ وكنت أنا استنبطت ذلك، وأنزل الله تعالى آية التخيير.
قوله تعالى: ﴿فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ...﴾ الآية، نزلت هذه الآية (١) في مواعدة رسول الله - ﷺ - أبا سفيان بن حرب، وذلك أن رسول الله - ﷺ - واعده موسم بدر الصغرى بعد حرب أحد، وذلك في ذي القعدة، فلما بلغ الميعاد.. دعا رسول الله - ﷺ - الناس إلى الخروج، فكرهه بعضهم فأنزل تعالى هذه الآية: ﴿فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ يعني لا تدع جهاد العدو، والانتصار للمستضعفين من المؤمنين، لا تكلف إلا نفسك.
التفسير وأوجه القراءة
٨٠ - ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ﴾ محمدًا - ﷺ -، ويوافقه فيما أمر به، ونهى عنه ﴿فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾ سبحانه وتعالى، وذلك لأنه سبحانه وتعالى هو الآمر والناهي في الحقيقة، والرسول - ﷺ - إنما هو مبلغ للأمر والنهي، فليست الطاعة له بالذات، وإنما هي لمن بلغ عنه، إذ قد جرت سنته سبحانه وتعالى أن لا يأمر الناس، ولا ينهاهم إلا بواسطة رسل منهم، يفهمون عنهم ما يوحيه تعالى إليهم ليبلغوه عنه.
وقال الشافعي رحمه الله تعالى: وهذه الآية تدل على أن كل تكليف كلف

(١) الخازن.


الصفحة التالية
Icon