قال الله سبحانه جلَّ وعلا:
﴿يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٢٦) وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا (٢٧) يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا (٢٨) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (٢٩) وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (٣٠) إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا (٣١)﴾.
المناسبة
قوله تعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ...﴾ الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أنه سبحانه وتعالى لما ذكر (١) أحكام النكاح فيما سلف على طريق البيان والإسهاب.. ذكر هنا عللها وأحكامها، كما هو دأب القرآن الكريم أن يعقب ذكر الأحكام التي يشرعها للعباد ببيان العلل والأسباب؛ ليكون في ذلك طمأنينة للقلوب، وسكون للنفوس لتعلم مغبة (٢) ما هي مقدمة عليه من الأعمال، وعاقبة ما كلفت به من الأفعال، حتى تقبل عليها وهي مثلجة الصدور، عالمة بأن لها فيها سعادةً في دنياها وأخراها، ولا تكون في عماية من أمرها، فتتيه في أودية الضلالة وتسير قدمًا لا إلى غاية.
قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ...﴾ الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها (٣): أنه تعالى لمَّا بيّن كيفية التصرف في النفوس بالنكاح.. بيَّن كيفية التصرّف في الأوال الموصلة إلى النكاح، وإلى ملك اليمين، وأن المهور والأثمان المبذولة في ذلك لا تكون مما

(١) المراغي.
(٢) المغبة: العاقبة.
(٣) البحر المحيط.


الصفحة التالية
Icon