منها: ما أخرجه البخاري والترمذي والحاكم وغيرهم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: مر رجل من بني سليم بنفر من أصحاب النبي - ﷺ - وهو يسوق غنمًا له، فسلم عليهم، فقالوا: ما سلم علينا إلا ليتعوذ منا، فعمدوا إليه فقتلوه، وأتوا بغنمه النبي - ﷺ -، فنزلت هذه الآية.
ومنها: ما أخرجه أحمد والطبراني وغيرهما عن عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي قال: بعثنا رسول الله - ﷺ - في نفر من المسلمين، فيهم أبو قتادة ومحلم بن جثامة، فمر بنا عامر بن الأضبط الأشجعي، فسلم علينا، فحمل عليه محلم فقتله، فلما قدمنا على النبي - ﷺ - وأخبرناه الخبر.. نزل فينا القرآن: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ...﴾ الآية.
وأخرج البزار من وجه آخر عن ابن عباس قال: "بعث رسول الله - ﷺ - سرية فيها المقداد، فلما أتوا القوم.. وجدوهم قد تفرقوا، وبقي رجل له مال كثير، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، فقتله المقداد، فقال النبي - ﷺ -: "كيف لك بلا إله إلا الله غدًا". وأنزل الله هذه الآية. وقيل غير ذلك.
ولا مانع من تعدد الوقائع قبل نزول الآية، وأن النبي - ﷺ - كان يقرؤها على أصحاب كل واقعة، فيرون أنهم سبب نزولها.
قوله تعالى: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ...﴾ الآية، سبب نزولها: ما رواه البخاري عن البراء رضي الله عنه قال: لما نزلت: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ دعا رسول الله - ﷺ - زيدًا، فجاءه بكتف فكتبها، وشكى ابن أم مكتوم ضرارته فنزلت ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾.
وقد روي (١): أن الآية نزلت في كعب بن مالك من بني سلمة، ومرارة بن الربيع من بني عمرو بن عوف، والربيع وهلال بن أمية من بني واقف، حين تخلفوا عن رسول الله - ﷺ - في غزوة تبوك.