راغمت فلانًا إذا فارقته وهو يكره مفارقتك لمذلة تلحقه بذلك انتهى.
وفي "المصباح": الرغام (١) - بالفتح -: التراب، ورغم أنفه رغمًا من باب قتل كناية عن الذل، كأنَّه لصق بالرغام هوانًا، ويتعدى بالألف فيقال: أرغم الله أنفه، وفعلته على رغم أنفه بالفتح والضم؛ أي: على كره منه، وأرغمته غاضبته، وهذا ترغيم له؛ أي: إذلال له، وهذا من الأمثال التي جرت في كلامهم بأسماء الأعضاء، ولا يراد أعيانها، بل وضعوها لمعان غير معاني الأسماء الظاهرة، ولا حظ لظاهر الأسماء من طريق الحقيقة، ومنه قولهم: كلامه تحت قدمي وحاجته خلف ظهري، يريدون الإهمال وعدم الاحتفال انتهى.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات أنواعًا من البلاغة والبديع (٢):
منها: الاستعارة في قوله: ﴿إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ استعار الضرب للسعي في قتال الأعداء، والسبيل لدينه، وفي قوله: ﴿لَا يَسْتَوِي﴾ عبر به وهو حقيقة في المكان عن التساوي في المنزلة والفضيلة، وفي قوله: ﴿درجة﴾ حقيقتها في المكان، فعبر به عن المعنى، اقتضى التفضيل، وفي قوله: ﴿يُدْرِكْهُ﴾ استعار الإدراك الذي هو صفة من فيه حياة لحلول الموت، وفي قوله: ﴿فَقَدْ وَقَعَ﴾ استعار الوقوع الذي هو من صفات الأجرام؛ لثبوت الأجر.
ومنها: التكرار في اسم الله تعالى، و ﴿فَتَبَيَّنُوا﴾ و ﴿وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ﴾.
ومنها: التجنيس المماثل في قوله: ﴿مَغْفِرَةً﴾ و ﴿غَفُورًا﴾.
ومنها: التجنيس المغاير في قوله: ﴿عَفُوًّا غَفُورًا﴾ و ﴿عَفُوًّا﴾ وفي قوله: ﴿يُهَاجِرْ﴾ و ﴿مُهَاجِرًا﴾.

(١) المصباح المنير.
(٢) البحر المحيط.


الصفحة التالية
Icon