المفتوح الميم إنما هو من الثلاثي، والفعل السابق لهذا كما رأيت رباعي، فقيل: إنه منصوب بفعل مقدر مطاوع لهذا الفعل المذكور، والتقدير: وندخلكم فتدخلون مدخلًا، ومدخلًا منصوب على ما تقدم إما المصدرية وإما المكانية بوجهيها، وقيل: هو مصدر على حذف الزوائد، نحو أنبتكم من الأرض نباتًا على إحدى القراءتين انتهى.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات أنواعًا من البلاغة والبديع (١):
منها: التكرار في اسم الله وفي قوله: ﴿يُرِيدُ﴾ في أربعة مواضع، وفي قوله: ﴿يَتُوبَ﴾، ﴿أَنْ يَتُوبَ﴾.
ومنها: إطلاق المستقبل على الماضي في قوله: ﴿يُرِيدُ﴾، وفي قوله: ﴿لِيُبَيِّنَ﴾؛ لأن إرادة الله وبيانه قديمان؛ إذ تبيانه في كتبه المنزلة، والإرادة والكلام من صفات ذاته وهي قديمة.
ومنها: الاستعارة في قوله: ﴿يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ﴾، وفي قوله: ﴿أَنْ تَمِيلُوا﴾؛ لأنه استعار الاتباع والميل اللذين هما حقيقة في الإجرام؛ لموافقة هوى النفس المؤدي إلى الخروج عن الحق. وفي قوله: ﴿أَنْ يُخَفِّفَ﴾ لأن التخفيف أصله من خفة الوزن وثقل الجرم، وتخفيف التكاليف: رفع مشاقها من النفس، وذلك من المعاني. وفي قوله: ﴿وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا﴾ جعله ضعيفًا باسم ما يؤول إليه، أو باسم أصله.
ومنها: الزيادة في قوله: ﴿لِيُبَيِّنَ لَكُمْ﴾، قال الزمخشري: تقديره: يريد الله أن يبين لكم، فزيدت اللام مؤكدة لإرادة التبيين، كما زيدت في لا أبا لك؛ لتأكيد إضافة الأب كما مر ذلك.
ومنها: المجاز المرسل في قوله: ﴿لَا تَأكُلُوا أَمْوَالَكُمْ﴾؛ لأنه مجاز عن

(١) البحر المحيط.


الصفحة التالية
Icon