أَسَأتَ عَلَى اللهِ في فِعْلِهِ | كَأَنَّكَ لَمْ تَرْضَ لِيْ مَا وَهَبْ |
فَكَانَ جَزَاؤُكَ أَنْ خَصَّنِي | وَسَدَّ عَلَيْكَ طَرِيْقَ الطَّلَبْ |
قال ابن عباس (١): لا يتمنى الرجل مال غيره، ودابته وامرأته ولا شيئًا من الذي ثبت له، كالجاه وغير ذلك مما يجري فيه التنافس، وذلك هو الحسد المذموم؛ لأن ذلك التفضيل قسمة من الله تعالى صادرة عن حكمة وتدبير لائق بأحوال العباد، متفرع على العلم بجلائل شؤونهم ودقائقها، ﴿وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ﴾، وقولوا: اللهم ارزقنا مثله أو خيرًا منه مع التفويض.
قيل: نزلت هذ الآية في حق أم سلمة زوج النبي - ﷺ -، حين قالت للنبي - ﷺ -: ليت الله كتب علينا ما كتب على الرجال لكي نؤجر كما يؤجر الرجال، فنهى الله عن ذلك، وقال: ﴿وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ﴾؛ أي: الرجال ﴿عَلَى بَعْضٍ﴾؛ أي: النساء، من الجماعة والجمعة والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ثم بين الله ثواب كل من الرجال والنساء باكتسابهم فقال: ﴿لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ﴾؛ أي: حظ من الثواب والأجر ﴿مِمَّا اكْتَسَبُوا﴾؛ أي: على ما اكتسبوا، وعملوا من الخيرات، كالجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والنفقة على النساء. ﴿وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ﴾؛ أي: ثواب ﴿مِمَّا اكْتَسَبْنَ﴾؛ أي: على ما عملن من الخيرات في بيوتهن، كحفظ فروجهن وطاعة الله وأزواجهن، وقيامهن بمصالح البيت من الطبخ والخبز، وحفظ الثياب ومصالح المعاش وكالطلق والارضاع.
أي: إن الله (٢) سبحانه وتعالى كلف كلًّا من الرجال والنساء أعمالًا، فما
(١) مراح.
(٢) المراغي.
(٢) المراغي.