أحدهما: أن الشقاق مضاف إلى بين ومعناها الظرفية، والأصل شقاقًا بينهما، ولكنه اتسع فيه، فأضيف الحدث إلى ظرفه، وظرفيته باقية، نحو ﴿بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ﴾.
والثاني: أنه خرج عن الظرفية وبقي كسائر الأسماء، كأنه أريد المعاشرة والمصاحبة بين الزوجين، وقال أبو البقاء: البين هنا الوصل الكائن بين الزوجين، وسمي الخلاف شقاقًا؛ لأن المخالف يفعل ما يشق على صاحبه، أو لأن كلا منهما صار على شق؛ أي: جانب.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات أنواعًا من المعاني والبيان والبديع:
منها: الإطناب في قوله: ﴿نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا﴾ و ﴿نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ﴾، وفي قوله: ﴿حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا﴾.
ومنها: الاستعارة التصريحية التبعية في قوله: ﴿مِمَّا اكْتَسَبُوا﴾؛ لأنه شبه استحقاقهم للإرث وتملكهم له بالاكتساب، واشتق من لفظ الاكتساب بمعنى الاستحقاق، اكتسبوا بمعنى استحقوا على طريقة الاستعارة التصريحية التبعية.
ومنها: الكناية في قوله: ﴿وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ﴾ فقد كنى بذلك عن الجماع.
ومنها: التأكيد بصيغة المبالغة في قوله: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ﴾؛ لأن فعال من صيغ المبالغة، ومجيء الجملة اسمية لإفادة الدوام والاستمرار.
ومنها: جناس الاشتقاق في قوله: ﴿حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ﴾.
والله سبحانه وتعالى أعلم
* * *