على عباده، وما حق العباد على الله؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: فإن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئًا، فقلت: يا رسول الله أفلا أبشر الناس قال: لا تبشرهم؛ فيتكلوا" متفق عليه. إنما قال: لا تبشرهم فيتكلوا؛ لأنه - ﷺ - رأى ذلك أصلح لهم، وأحرى أن لا يتكلوا على هذه البشارة، ويتركوا العمل الذي ترفع لهم به الدرجات في الجنة، وبعد أن أمر الله بعبادته وحده لا شريك له، أعقبه بالوصية بالوالدين، فقال: ﴿و﴾ أحسنوا ﴿بالوالدين إحسانًا﴾ وبرًّا وعطفًا بالقيام بخدمتهما، وبالسعي في تحصيل مطالبهما، والإنفاق عليهما بقدر الطاقة، وبعدم رفع الصوت عليهما، وعدم تخشين الكلام معهما، وعدم شهر السلاح عليهما، وعدم قتلهما، ولو كانا كافرين؛ لأنه - ﷺ - نهى حنظلة عن قتل أبيه أبي عامر الراهب وكان مشركًا.
وعن أبي سعيد الخدري: أن رجلًا جاء إلى رسول الله - ﷺ - من اليمن استأذنه في الجهاد، فقال - ﷺ -: "هل لك أحد باليمن؟ " فقال أبواي فقال: "أبواك أذنا لك؟ " فقال: لا، فقال: "فارجع فاستأذنهما، فإن أذنا لك فجاهد وإلا فبرهما".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "جاء رجل إلى رسول الله - ﷺ -، فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: "أمك"، قال: ثم من؟ قال: "ثم أمك"، قال: ثم من؟ قال: "ثم أمك"، قال: ثم من؟ قال: "ثم أبوك". متفق عليه. وفي رواية قال: "أمك ثم أمك ثم أباك، ثم أدناك فأدناك"، قوله: "ثم أباك" فيه حذف تقديره: ثم بر أباك.
وعنه رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - ﷺ - يقول: "رغم أنفه، رغم أنفه، رغم أنفه" قيل: من يا رسول الله؟ قال: "من أدرك والديه عند الكبر أو أحدهما، ثم لم يدخل الجنة".
وإنما قرن الله سبحانه وتعالى بر الوالدين بعبادته وتوحيده.. لتأكد حقهما على الولد.