من الطعام إلا في حال الضرورة، ثم ذكر حل طعام أهل الكتاب ونسائهم إذا كن محصنات، ثم أمرهم بالطهارة مع رفع الحرج عنهم.. ذكر هنا ما ينبغي أن يكون من معاملتهم مع من سواهم، سواء أكانوا أعداء أم أولياء، ثم ذكر وعده لعباده الذين عملوا الصالحات، ووعيده لمن كفر وكذب بالآيات، وختمها بذكر المنة الشاملة والنعمة الكاملة، إذ أنقذهم من أعدائهم وأظهرهم عليهم، وكانوا على وشك الإيقاع بهم، ولكن رحمهم، وكبت أعداءكم وردهم صاغرين، ليكون الشكر أتم، والوفاء ألزم.
قوله تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ...﴾ الآية، مناسبتها لما قبلها (١): لما ذكر تعالى أوامر ونواهي.. ذكر وعد من اتبع أوامره واجتنب نواهيه.
قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا...﴾ الآية، مناسبتها لما قبلها: لما ذكر ما لِمَنْ آمن.. ذكر ما لِمَنْ كفر.
أسباب النزول
قوله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ...﴾ الآية، سبب نزولها: ما رواه (٢) الطبراني والحاكم والبيهقي وغيرهم عن أبي رافع قال: جاء جبريل إلى النبي - ﷺ -، فاستأذن عليه، فأذن له، فأبطأ، فأخذ رداءه فخرج إليه وهو قائم بالباب، فقال: قد أذنا لك، قال: "أجل، ولكنا لا ندخل بيتًا فيه صورة ولا كلب" فنظروا، فإذا في بعض بيوتهم جرو، فأمر أبا رافع: "لا تدع كلبًا بالمدينة إلا قتلته" فأتاه الناس، فقالوا: يا رسول الله، ماذا يحل لنا من هذه الأمة التي أمرت بقتلها؟ فنزلت ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ...﴾ الآية.
وروى ابن جرير عن عكرمة أن رسول الله - ﷺ - بعث أبا رافع في قتل الكلاب حتى بلغ العوالي، فدخل عاصم بن عدي، وسعد بن أبي خيثمة، وعويمر بن ساعدة، فقالوا: ماذا أحل لنا يا رسول الله؟ فنزلتْ: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا
(٢) لباب النقول.