عنكم سيئاتكم، وإنَّما جعلنا المذكور جواب القسم، وقلنا: جواب الشرط محذوف.. جريًا على القاعدة المشهورة عندهم: أنَّه إذا اجتمع شرط وقسم وذكر الجواب بعدهما.. كان الجواب للمتقدم منهما، ويقدر مثله للمتأخر منهما، كما قال ابن مالك في "الخلاصة":
وَاحْذِفْ لَدَى اجْتِمَاعِ شَرْطٍ وَقَسَمْ | جَوَابَ مَا أخَّرْتَ فَهُوَ مُلْتَزَمْ |
﴿فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾.
﴿فَمَنْ﴾: (الفاء): فاء الفصيحة؛ لأنَّها أفصحت عن جواب شرط مقدر تقديره: إذا عرفتم حكم من أقام الصلاة، وآتى الزكاة، وآمن، وأردتم بيان حكم من كفر بعد ذلك.. فأقول لكم. ﴿من﴾: اسم شرط جازم في محل الرفع مبتدأ، والخبر جملة الشرط أو جملة الجواب أو هما. ﴿كَفَرَ﴾: فعل ماضٍ في محل الجزم بـ ﴿من﴾ على كونه فعل شرط لها، وفاعله ضمير يعود على ﴿من﴾. ﴿بَعْدَ ذَلِكَ﴾ ظرف ومضاف إليه متعلق بـ ﴿كَفَرَ﴾. ﴿فَقَدْ﴾: الفاء: رابطة لجواب من الشرطية وجوبًا، لكون الجواب مقرونًا بقد. ﴿قد﴾: حرف تحقيق. ﴿ضَلَّ﴾: فعل ماض في محل الجزم بـ ﴿من﴾ على كونه جواب الشرط، وفاعله ضمير يعود على ﴿من﴾. ﴿سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾: مفعول به ومضاف إليه، وجملة ﴿مَنْ﴾ الشرطية في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة.
﴿فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ﴾.