جملة الأنبياء، إذ اليهود تنكر نبوته وإذا أنكرته أنكرت كتابه، فنص تعالى عليه وعلى كتابه.. ذكر هنا إنزال القرآن على محمَّد - ﷺ -، فذكر الكتاب ومن أنزله عليه مقررًا لنبوته وكتابه؛ لأن الطائفتين ينكرون نبوته وكتابه، وجاء هنا ذكر المنزل عليه بكاف الخطاب لأنّه أنص على المقصود، وكثيرًا ما جاء ذلك بلفظ الخطاب لأنَّه لا يلتبس ألبتة.
أسباب النزول
قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ...﴾ الآية، قال المفسرون (١): سبب نزول هذه الآية: استفتاء اليهود رسول الله - ﷺ - في أمر الزانيين وقد سبق.
قوله تعالى: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ...﴾ الآية، سبب نزولها (٢): أنَّ جماعة من اليهود - منهم كعب بن أسيد وعبد الله بن صوريا وشاس بن قيس - قال بعضهم لبعض.. اذهبوا بنا إلى محمَّد لعلنا نفتنه عن دينه، فأتوه فقالوا: يا محمَّد قد عرفت أنا أحبار اليهود وأشرافهم، وأنا إن تبعناك اتبعك اليهود، وإنَّ بيننا وبين قوم خصومة فنحاكمهم إليك، فتقفي لنا عليهم ونحن نؤمن بك، فأبى ذلك رسول الله - ﷺ -، ونزلت هذه الآية، هذا قول ابن عباس.
وذكر مقاتل: أن جماعة من بني النضير قالوا له: هل لك أن تحكم لنا على أصحابنا أهل قريظة في أمر الدماء كما كنا عليه من قبل ونبايعك؟ فنزلت هذه الآية. قال القاضي أيو يعلى: وليست هذه الآية تكرارًا لما تقدم، وإنما نزلتا في شيئين مختلفين، أحدهما: في شأن الرجم، والآخر في التسوية في الديات حين تحاكموا إليه.
قوله تعالى: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ﴾ الآية، سبب نزولها (٣): أن النبي - ﷺ - لما حكم بالرجم على اليهوديين تعلق بنو قريظة ببني النضير وقالوا: يا محمَّد

(١) زاد المسير.
(٢) زاد المسير.
(٣) زاد المسير.


الصفحة التالية
Icon