والحجارة ويقولون: كذاب صابىء، فعرض علي عارض فقلت: اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون، وانصرني عليهم أن يجيبوني إلى طاعتك"، فجاء العباس عمه فأنقذه منهم وطردهم عنه.
﴿وَاللَّهُ﴾ سبحانه وتعالى ﴿يَعْصِمُكَ﴾؛ أي يحفظك يا محمَّد ﴿مِنَ النَّاسِ﴾؛ أي: من فتك الكفار وقتلهم إياك، فلا يصلون إليك. مأخوذ من عصام القربة وهو ما توكأ به؛ أي: يربط به فمها من سير جلد أو خيط. والمراد بالناس الكفار الذين يتضمن تبليغ الوحي بيان كفرهم وضلالهم وفساد عقائدهم وأعمالهم، والنعي عليهم وعلى سلفهم، وكان ذلك يغيظهم ويحملهم على إيذائه - ﷺ - بالقول أو بالفعل، وائتمروا به بعد موت أبي طالب وقرروا قتله في دار الندوة، ولكن الله عصمه منهم وكذلك فعل اليهود بعد الهجرة.
وإن قلت (١): أليس قد شج رأسه وكسرت رباعيته يوم أحد - وقد أوذي بضروب من الأذى - فكيف يجمع بين ذلك وبين قوله: ﴿وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾؟.
قلت: المراد منه أنَّه يعصمه من القتل فلا يقدر عليه أحد أراده بالقتل، ويدل على صحة ذلك ما روي عن جابر أنَّه غزا مع رسول الله - ﷺ - قبل نجد، فلما قفل رسول الله - ﷺ - قفل معه، فأدركتهم القائلة في وادٍ كثير العضاه، فنزل رسول الله - ﷺ - وتفرق الناس يستظلون بالشجر، فنزل رسول الله - ﷺ - تحت الشجرة فعلق بها سيفه، ونمنا معه نومة، فإذا رسول الله - ﷺ - يدعونا، وإذا عنده أعرابي فقال: إن هذا اخترط علي سيفي وأنا نائم فاستيقظت وهو في يده صلتًا فقال: من يمنعك مني؟ فقلت: الله، ثلاثًا ولم يعاقبه وجلس. وفي رواية أخرى قال جابر: كنا مع رسول الله - ﷺ - بذات الرقاع، فإذا أتينا على شجرة ظليلة تركناها لرسول الله - ﷺ -، فجاء رجل من المشركين - وسيف رسول الله - ﷺ - معلق بالشجرة - فاخترطه فقال: تخافني؟ فقال: "لا"، فقال: من يمنعك مني؟ قال: "الله"، فتهدده أصحاب رسول الله - ﷺ -. أخرجه الشيخان في "الصحيحين"، وزاد البخاري