يترفع، ولن يتكبر عن أن يكون عبدًا لله تعالى.
﴿قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ﴾: البرهان: الحجة، يجمع على براهين، يقال: برهن الشيء وعليه عنه: إذا أقام عليه الحجة وأوضحه ﴿وَاعْتَصَمُوا بِهِ﴾: يقال: اعتصم به - من باب: افتعل - إذا أمسكة بيده، واعتصم بالله: إذا امتنع بلطفه من المعصية، واعتصم بالله من الشر والمكروه: التجأ به ولاذ وامتنع.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات أنواعًا من البلاغة والبيان والبديع:
فمنها: (١) الاستعارة في قوله: ﴿لَا تَغْلُوا﴾: والغلو: حقيقة في ارتفاع السعر، وفي قوله: ﴿وَكِيلًا﴾: استعير لإحاطة علم الله بهم. وفي قوله: ﴿فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ﴾ استعير للمجازاة.
ومنها: التجنيس المماثل في قوله: ﴿يَسْتَفْتُونَكَ﴾ و ﴿يُفْتِيكُمْ﴾.
ومنها: التفصيل في قوله: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا﴾.
ومنها: الحذف في عدة مواضع.
ومنها: ذكر (٢) العام وإرادة الخاص في قوله: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ﴾، فالكتاب عام أريد به الخاص، وهو الإنجيل، وكذلك أهل الكتاب المراد بهم حينئذ النصارى، فكل منهما عام أريد به خاص، وذلك لأن ما بعده يدل على ذلك، وهو قوله: ﴿وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ﴾، وهي قولة النصارى، وقيل: المراد بهم الفريقان، فغلو اليهود: بتنقيص عيسى؛ حيث قالوا: إنه ابن زانية، وغلو النصارى: بالمبالغة في تعظيمه؛ حيث قالوا: إنه إله أو ابن إله.
ومنها: القصر في قوله: ﴿إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ﴾، وهو من نوع قصر موصوف على صفة.
(٢) الجمل.