لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}، وسؤال عن شيء نزل به القرآن، لكن السامع لم يفهمه كما ينبغي، فهاهنا السؤال واجب، وهو المراد بقوله تعالى: ﴿وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ﴾ فالضمير في ﴿عَنهَا﴾ يرجع إلى أشياء أخر كقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (١٢) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (١٣)﴾. فالمراد بالإنسان آدم عليه السلام، والمراد بالضمير ابن آدم؛ لأن آدم لم يجعل نطفة في قرار مكين. انتهت.
فائدة: قال الإِمام الشاطبي (١): الإكثار من الأسئلة مذموم، ولها مواضع نذكر منها عشرة:
أولها: السؤال عما لا ينفع في الدين؛ كسؤال بعضهم: مَنْ أبي؟
ثانيها: أن يسأل ما يزيد عن الحاجة؛ كسؤال الرجل عن الحج كل عام.
ثالثها: السؤال من غير احتياج إليه في وقت، ويدل عليه قوله - ﷺ -: "ذروني ما تركتكم".
رابعها: أن يسأل عن صعاب المسائل وشرارها، كما جاء في النهي عن الأغلوطات.
خامسها: أن يسأل عن علة الحكم في التعبدات؛ كالسؤال عن قضاء الصوم للحائض دون الصلاة.
سادسها: أن يبلغ بالسؤال حد التكلف والتعمق؛ كسؤال بني إسرائيل عن البقرة، وما هي، وما لونها؟
سابعها: أن يظهر من السؤال معارضة الكتاب والسنة بالرأي، ولذلك قال سعيد: أعراقيٌّ أنت؟
ثامنها: السؤال عن المتشابهات، ومن ذلك سؤال مالك عن الاستواء فقال: الاستواء معلوم... إلخ.