وَغَيْرُ تَقَيٍّ يَأمُرُ النَّاسَ بالتُّقَى | طَبِيْبٌ يُدَاوِيْ النَّاسَ وَهْوَ مَرِيْضُ |
فَإِنَّكَ إِذْ مَا تَأْتِ مَا أَنْتَ آمِرُ | بِهِ تُلْفِ مَنْ إِيَّاهُ تَأمُرُ آتِيَا |
والخلاصة: أن العلماء من السلف متفقون على أن المؤمن لا يكون مهتديًا إذا أصلح نفسه ولم يهتم بإصلاح غيره؛ بأن يأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر، وأن ذلك فرض لا هوادة فيه، ولكن هذه الفريضة تسقط إذا فسد الزمان فسادًا لا يرجى معه تأثير الوعظ والإرشاد، أو فسادًا يؤدي إلى إيذاء الواعظ المرشد؛ بأن يعلم أو يظن ظنًّا قويًّا بأن لا فائدة من نصحه، أو بأنه سيؤذى إذا هو أمر بمعروف أو نهى عن منكر، ويحرم عليه ذلك إذا أدَّى إلى الوقوع في التهلكة.
وحكى الزمخشري عن نافع أنه قرأ (١): ﴿عليكم أنفسُكم﴾ بالرفع، وهي قراءة شاذة تخرَّج على وجهين:
أحدهما: يرتفع على أنه مبتدأ، و ﴿عليكم﴾ في موضع الخبر، والمعنى: على الإغراء.
والوجه الثاني: أن يكون توكيدًا للضمير المستكن في ﴿عَليْكُمْ﴾، ولم يؤكد بمضمر متصل؛ إذ قد جاء ذلك قليلًا، ويكون مفعول عليكم محذوفًا لدلالة
(١) البحر المحيط.