عليهم الإثم؛ أي: جني عليهم بالخيانة في مالهم، هم أهل الميت وعشيرته، والمعنى (١) على قراءة البناء للفاعل: من الذين استحق عليهم الأوليان من بينهم بالشهادة أن يجردوهما ويختاروهما للقيام بالشهادة، ويظهروا بهما كذب الكاذبين؛ لكونهما الأقربين إلى الميت. فـ ﴿الْأَوْلَيَانِ﴾: فاعل ﴿اسْتَحَقَّ﴾، ومفعوله أن يجردوهما للقيام بالشهادة. وقيل: المفعول محذوف، والتقدير: من الذين استحق عليهم الأوليان بالميت وصيته التي أوصى بها.
وقرأ الجمهور: ﴿اسْتَحَقَّ﴾ بالبناء للفاعل ﴿الْأَوْلَيَانِ﴾: فاعل مرفوع تثنية الأوْلى.
وقرأ حمزة وأبو بكر: ﴿اسْتُحِقَّ﴾ مبنيًّا للمفعول؛ وقرأ الحسن: ﴿استحق﴾ مبنيًّا للفاعل، ﴿الأولان﴾: مرفوع تثنية أوَّل، وقرأ بان سيرين: ﴿الأوليان﴾ تثنية الأوْلى.
قوله: ﴿فيقسمان بالله﴾ عطف على ﴿يقومان﴾؛ أي: فيحلفان بالله ﴿لَشَهَادَتُنَا﴾؛ أي: ليميننا، فالمرد بالشهادة هنا اليمين كما في قوله تعالى: ﴿فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ﴾؛ أي: فيحلفان بالله بقولهما: والله لأيماننا على أنهما كاذبان خائنان في وصية ميتنا ﴿أَحَقُّ﴾ وأصدق ﴿مِنْ شَهَادَتِهِمَا﴾؛ أي: أيمانهما على أنهما صادقان فيما ادعيا ﴿وَمَا اعْتَدَيْنَا﴾ عليهما بتهمة باطلة؛ أي: ما تجاوزنا الحق في أيماننا ﴿إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ﴾؛ أي: ويقولان في يمينهما: إنا إذا اعتدينا الحق فحلفنا مبطلين كاذبين.. لنكونن من الظالمين لأنفسهم بتعريضها لسخط الله وانتقامه. وعبارة (٢) "المراح": ﴿فَيُقْسِمَانِ﴾؛ أي: هذان الآخران ﴿بِاللَّهِ﴾ بقولهما ﴿لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا﴾؛ أي: والله ليمين المسلمين أصدق وأحق بالقبول من يمين النصرانيين ﴿وَمَا اعْتَدَيْنَا﴾؛ أي: ما تجاوزنا الحق فيما ادعيا، وفي طلب المال، وفي نسبتهما إلى الخيانة ﴿إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ﴾؛ أي: إنا اعتدينا في ذلك.. كنا من الظاليمن أنفسهم بإقبالها لسخط تعالى وعذابه.

(١) الشوكاني.
(٢) المراح.


الصفحة التالية
Icon