ثُمَّ جَزَاكَ اللهُ عَنِّي إِذْ جَزَى | جَنَّاتِ عَدْنٍ في السَّمَوَاتِ الْعُلَى |
فإن قلتَ (١): إذا كان عيسى عليه السلام لم يقلها، فما وجه هذا السؤال مع علم الله بأنه لم يقله؟
قلتُ: وجه هذا السؤال: إثبات الحجة على قومه، وإكذاب لهم في ادعائهم ذلك عليه، وأنه أمرهم به، فهو كما يقول القائل لآخر: أفعلت كذا، وهو يعلم أنه لم يفعله، وإنما أراد تعظيم ذلك الفعل، فنفى عيسى عليه السلام عن نفسه هذه المقالة، وقال: ﴿مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ﴾، فاعترف بالعبودية، وأنه ليس بإله كما زعمت وادعت النصارى فيه.
فإن قلتَ: إن النصارى لم يقولوا بإلهيَّة مريم، فكيف يقول اتخذوني وأمي إلهين من دون الله؟
قلت: إن النصارى لما ادعت في عيسى عليه السلام أنه إله، ورأوا أن مريم ولدته.. لزمهم بهذه المقالة على سبيل التبعية.
ومعنى قوله (٢): ﴿مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾؛ أي: متجاوزين بذلك توحيد الله وإفراده بالعبادة، وذلك يكون؛ إما باتخاذ إله أو أكثر مع الله تعالى، وهو الشرك؛ إذ
(١) الخازن.
(٢) المراغي.
(٢) المراغي.