قوله تعالى: ﴿وَمَا تَأتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (٤)﴾ الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها (١): أن الله سبحانه وتعالى لما أرشد في الآيات السالفة إلى دلائل وحدانيته، ودل على أنها مع ظهورها لم تمنع الكافرين من الشك، وإلى دلائل البعث، وأنها على شدة وضوحها لم تمنع المشركين من الشك والريب، وإلى أن الله المتصف بتلك الصفات التي تعرفونها هو الله المحيط علمه بما في السموات والأرض، فلا ينبغي أن يشرك به غيره فيهما، ولكن المشركين جهلوا ذلك، وجوزوا أن يكون غير الرب إلهًا، بل عبدوا معه آلهة أخرى. ذكر هنا سبب عدم اهتدائهم بالوحي، وأنذرهم عاقبة التكذيب بالحق، ولفت - صرف ووجَّه - أنظارهم إلى ما حل بالأمم قبلهم حين كذبوا رسلهم لعلهم يرعوون عن غيهم، ويثوبون إلى رشدهم.
قوله تعالى: ﴿وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ...﴾ الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها (٢): أن الله سبحانه وتعالى لما أرشد في الآيات المتقدمة إلى ما دعا إليه الرسول - ﷺ - من التوحيد والبعث، ثم ذكر بعدها الأسباب التي دعت قريشًا إلى التكذيب، وأنذرهم عاقبة هذا التكذيب بما يحل بهم من عذاب الله في الدنيا والآخرة، وأنه لا يحول دونه ما هم فيه من قوة وضعف الرسول - ﷺ -، وتمكنهم في مكة وهي أم القرى، وأهلها القدوة والسادة بين العرب.. ذكر هنا شبهات أولئك الجاحدين المعاندين على الوحي وبعثة الرسول، وبها تم بيان أسباب جحودهم وإنكارهم لأصول الدين الثلاثة: التوحيد، والبعث، ونبوة محمد - ﷺ -.
وقوله تعالى: ﴿وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ...﴾ الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها (٣): أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر فيما سلف مقترحاتهم على النبي - ﷺ -، وأنهم تارة يطلبون إنزال ملك مع الرسول - ﷺ -، وأخرى يطلبون إنزال ملك بالرسالة، وكان مبنى هذه المقالة الاستهزاء، وكان قلب الرسول يضيق بها ذرعًا
(٢) المراغي.
(٣) المراغي.